الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تؤكد العديد من الشواهد التاريخية أن الأمم دائمًا ما تهرع إلى التربية لتتجاوز فترات تأخرها التاريخي، ولعل أبرز مثال على ذلك ألمانيا وفرنسا بوصفهما أمتين تبادلتا النصر والهزيمة، وكانت التربية العامل الفَعّال في كلتا الحالتين. فعندما انهزمت ألمانيا أمام نابليون في القرن التاسع عشر لم تجد أمامها مخرجًا من أزمتها سوى إعادة النظر في نظامها التعليمي، مُستجيبة في ذلك لنداء الفيلسوف فيخته (1762 –1814م) الذي رأى أن الهزيمة لم تكن عسكرية بقدر ما كانت تربوية بالأساس(*). ومن هنا جاءت ضرورة استحداث نظام تربوي جديد يقوم على رفض اكتساب المعارف عبر التدريب الميكانيكي للذاكرة لتحفظها عن ظهر قلب، ويستهدف بشكل أساسي تنمية قدرات الطلاب على التفكير والإبداع. وما يكاد قرن أو بعض قرن يمر حتى سقطت فرنسا مصروعة أمام القوة الألمانية، لتعود الكَرَّة من جديد فتحاول فرنسا البحث عن أسباب ضعفها وهزيمتها، فتجد أن أبرزها ضعف النظام التربوي العام والمدرسة الثانوية على وجه الخصوص؛ إذ سادت به النزعة النظرية المتطرفة، الأمر الذي أدى إلى عجز صارخ في الميادين العلمية والتكنولوجية. وفي عام 1944م عندما تحررت فرنسا من الغزو الألماني، كان أول ما امتدت إليه يد الإصلاح هو الميدان التربوي، وهو ما مَثَّلَ بداية ميلاد فرنسا الجديدة |