الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص التوازن بين السلطات وخاصة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أمر مطلوب وملح في الدول الديمقراطية الحديثة, باعتباره من الضمانات الأساسية لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم من إفتئات السلطة واستبدادها, على أساس أن كل سلطة من هذه السلطات تقف تجاه السلطة الأخرى إذا حاولت الاعتداء أو الانتقاص من هذه الحقوق أو تلك الحريات, بل وفي ظل التوازن بين السلطات تعتبر حقوق الأفراد وحرياتهم بمثابة وسيلة مهمة لمقاومة طغيان واستبداد السلطات العامة في المجتمع وتقييدها كذلك في تصرفاتها وأفعالها. من أجل ذلك ظهر مبدأ الفصل بين السلطات الذي يعتبر إحدى الركائز الأساسية التي تستند إليها فكرة الدولة القانونية, كما أنه إحدى ضمانات الحرية في الدولة الديمقراطية الحديثة, ويعني هذا المبدأ ضرورة توزيع وظائف الدولة على هيئات ثلاث تتولى كل منها وظيفتها بشكل مستقل عن السلطتين الأخريين, كما يعني أيضا أن تراقب كل سلطة من هذه السلطات السلطتين الأخريين في أدائها لوظيفتها المسندة إليها طبقا للدستور. وتظهر هذه الرقابة عادة في النظم الدستورية للدول التي تأخذ بالنظام البرلماني, فلئن كان هذا النظام قائما على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث المعروفة وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية, فإن هذا الفصل ليس فصلا مطلقا كما هو في النظام الرئاسي, وإنما هو فصل قائم على التعاون والتوازن, الذين يظهر أثرهما واضحا في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, ومن ثم فإن مقتضى مبدأ الفصل بين السلطات أن يكون بين السلطات الثلاث تعاون, وأن يكون لكل منها رقابة على الأخرى في نطاق اختصاصها بحيث يكون نظام الحكم قائما على أساس أن السلطة توقف أو تحد السلطة, وليس الهدف من الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تقف كل من هاتين السلطتين أمام الأخرى موقف الخصومة, بل إن الهدف منها هو تحقيق التعاون والتوازن بينهما بما يكفل تطبيق قواعد القانون الدستوري. |