Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الموضوعات المصورة على الفخار الإتروسكي منذ القرن السابع ق.م حتى القرن الثالث ق.م /
المؤلف
شرف الدين، ندا عزت محمد محمد.
هيئة الاعداد
باحث / ندا عزت محمد محمد شرف الدين
مشرف / إبراهيم سعد إبراهيم صالح
مشرف / عبير عبد المحسن قاسم
مناقش / نجوى عبد النبى عبد الرحمن
الموضوع
تاريخ العالم القديم.
تاريخ النشر
2023.
عدد الصفحات
343 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
الآداب والعلوم الإنسانية
الناشر
تاريخ الإجازة
1/5/2023
مكان الإجازة
جامعة دمنهور - كلية الاداب - قسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 381

from 381

المستخلص

تعد دراسة الموضوعات المصورة على الفخار الإتروسكي من أهم الدراسات التي تلقي الضوء على الحضارة الإتروسكية التي نشأت وازدهرت ثم اندثرت بإقليم إتروريا وسط إيطاليا في فترة لا تتجاوز الثمانية قرون وكانت القاعدة الأولي التي أقامت عليها روما حضارتها وحجر الأساس للفن الروماني.
رغم الغموض الذى يكتنف هذه الحضارة إلا أن غموضها يعد عاملاً قوياً للبحث أكثر وأكثر لاكتشاف العديد من الأسرار حولها وحول الشعب الإتروسكي والذى انتشر بكثرة مؤخراً من قبل العديد من الجامعات فى أمريكا وأوروبا بشكل عام وايطاليا بشكل خاص.
تعد معرفة أصل الشعب الإتروسكي مشكلة ظلت لسنوات عديدة، ويمكن الفصل في ذلك لما توصلت إليه التحاليل الجينية الحديثة والتي أوضحت تشابه الإتروسكيون مع شعوب وسط أوروبا وعدم التشابه مع شعوب ليديا في أسيا الصغرى ”تركيا حالياً” كما اعتقد الكثيرين.
برع الإتروسكيون فى الكثير ولكن أبرزهم هو فن العرافة والتنبؤ بالمستقبل فكانوا جزء أساسي فى العالم الروماني وخاصة الجمهورية الرومانية كما أن الملوك الرومان الأوائل كانوا من أصل إتروسكى وكبار العائلات كانوا يفتخرون بأصلهم الإتروسكي وسط الرومان.
لم تكن الأواني الفخارية مجرد أدوات استخدام يومي فقط بل قام الفنان الإتروسكي برسم كل مظاهر الحياة اليومية والمعتقدات بأسلوبه مما زودنا بالكثير من المعلومات حول الحضارة وأساطيرها رغم صعوبة اللغة فكان الفخار مادة مهمة لدراستها وأكمل الصورة للتصوير الجداري وفتحت المجال للفنانين للتعبير عن موضوعات كثيرة ومختلفة.
تميزت إتروريا بصناعة أنواع كثيرة جداً من الفخار مختلفة الشكل والمادة والطراز أيضاً فكان فن الفخار الإتروسكي مزيجاً من فن محلى وآخر مستورد وآخر مقلد ويعد تأصيل كل نوع لمكان نشأته أمراً صعباً نظراً لامتزاج العناصر المحلية بالخارجية فأنتجت فناً جديداً اِعتبره البعض مُقلّد والبعض الآخر مستورد فكثرت الآراء ولكن بمقارنة كل نوع من الأنواع السائدة فى تلك الفترة خصوصاً منتجات الأماكن المجاورة كجنوب إيطاليا واليونان يمكن ملاحظة أوجه التشابه ومحاولة فرز كل نوع.
على الرغم من هوس الشعب الإتروسكي بالفخار اليوناني وكثره استيراده إلا أن الفخار الإتروسكي نفسه أثبت تميُزه والدليل على ذلك قيام الورش الفخارية في اليونان بصنع فخار يقلد الفخار الإتروسكي وتصديره لإتروريا بكميات كبيرة، وذلك يدل أيضاً على مدى رواج حركة التجارة في إتروريا وتحسن حالتهم الاقتصادية في تلك الفترة.
يمكن القول أن الفخار الإتروسكي يعد سجلاً لمعرفة الكثير من المعلومات عن الحضارة الإتروسكية حيث أبدع الفنان الإتروسكي فى المساحة الصغيرة للإناء المصّور عليه فتنوعت الموضوعات ما بين دينية وأسطورية وموضوعات عن الحياة اليومية ومن تلك الرسوم يمكن اِكمال الصورة عن نواحي مُتعددة للحضارة الإتروسكية وشعبها.
تنوعت المشاهد الدينية ما بين آلهة كبري وصغرى كان معظمها مستوحى من الأساطير اليونانية كالألهة الأوليمبية الاثنى عشر والمميز لإتروريا كانت مشاهد شياطين العالم السفلي وآلهته وكانت هذه المشاهد هي المفضلة للفنان لتأثيرها على المعتقدات الجنائزية بشكل كبير كما فضل الفنان تصوير الأبطال اليونانيين كهيراكليس وأعماله الخارقة مع إضفاء الشخصية الفنية المميزة لإتروريا على الموضوع المصور وبجانب تلك المشاهد كان يزين الإناء أفاريز من الحيوانات الأسطورية المركبة والحيوانات البرية.
يمكن استنتاج أن كثرة المشاهد الدينية ومشاهد الشياطين والعالم السفلي توضح أن الشعب الإتروسكي اهتم بالعالم الآخر وإرضاء الآلهة وذلك لإبراز الطقوس الجنائزية المختلفة ما بين ألعاب رياضية وتضحيات ومآدب لخدمة روح المتوفى ولتجنب غضب الآلهة والشياطين ولضمان حياة أفضل للمتوفي في العالم الآخر.
ظهرت مشاهد عديدة للحياة اليومية في إتروريا ما بين تصوير للمرأة وأعمالها في المنزل وخارجه وتسليط الضوء على النساء الأرستقراطيات وكيف تتزين بمساعدة خادماتها اللاتي ظهرن بأبهى صورة من الاهتمام بالملبس وتسريحة الشعر والحلي وغيرها كما صورت مشاهد مختلفة للحفلات والمآدب المعروفة عن الفن الإتروسكي وذلك دلالة على رغد المعيشة ووفرة الخيرات مما يدل على رواج الاقتصاد ومدى رفاهية طبقة النبلاء والأثرياء بإتروريا مقارنةً بالحضارات المعاصرة لهم وإبراز التحضر والرقى في الملبس والحُلى فكانت كل هذه المشاهد دليلاً قوياً على أن الإتروسكيون لم يكونوا أقل شآناً من اليونانيين كما أظهرهم بعض الكُتّاب القدامى من شعب مسرف وحشي منغمس في الشهوات.
تنوعت المشاهد الرياضية كمسابقات الجري والملاكمة والفروسية وغيرها كما صورت المعارك وما تعكسه من أدوات للحرب والدفاع عن النفس والمميز هو ظهور معركة بحرية أوضحت أشكال السفن والمراكب وكيف كانت تدور المعارك في البحار وما يرتديه المحاربون ولم يغفل الفنان أيضًا تصوير الطبيعة حوله وإبراز الحيوانات والطيور فتنوعت المشاهد ما بين حيوانات أليفة وأخرى مفترسة تنقض على فريستها بقوة وكل هذه المشاهد تساعد في إيضاح الصورة عن الأحوال الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للحضارة الإتروسكية من خلال تلك الرسوم خاصةً المآدب وما تحمله المشاهد في معرفة الأثاث المنزلي والطعام وأنواع الأواني وأشكال الخدم بالإضافة لمعرفة أنواع الرياضات وتحديد أهميتها من عدد المشاهد لها على الأواني وابراز بعض المباني المستخدمة كالجمنازيوم أو الصالة الرياضية والحمامات وأدوات الحرب والموسيقى وأدوات الصيد والسفن فكانت الرسوم الفخارية تكمل ما صور على جدران المقابر الإتروسكية التي تميزت بحالة جيدة من الحفظ.
رغم قلة الفنانين الإتروسكيين وعدم توافر المعلومات عنهم وعن أماكن ورشهم إلا إنهم تمكنوا من اضفاء شخصية مبهجة على المشاهد فكانت المناظر المصورة على أواني هذه الفئة تتميز بالإتقان والتنوع عن طريق استخدام الألوان القوية والمبهجة مع تنوع أشكال الأواني وطرق صناعتها خاصةً الأواني ذات طراز الصورة السوداء والحمراء بجانب الإنتاج الإتروسكي المحلى لأواني طراز بونتك المميزة بالموضوعات الملونة بألوان قوية كالأحمر الداكن والأسود والبرتقالي مما أعطت شكلاً مميزاً للفخار الإتروسكي.
على الرغم من تعدد منتجات إتروريا من الفخار فى متاحف أوروبا إلا أن تاريخ هذه الأواني يعتمد على المقارنة بين أسلوبها وأسلوب الفخار الكورنثى والأتيكي والأثيني وذلك لعدم تسجيل المعلومات المفيدة عن القطع وصانعها أو رشة العمل فى كثير من الأحيان وأحياناً وجد تأخر فى التسلسل الزمني أكثر من المتوقع، ومعظم هذه القطع جاءت من مقابر إتروريا حيث حفظت المقابر العديد من القطع الفنية المميزة الإتروسكية واليونانية فتعتبر المقابر الإتروسكية أفضل المقابر حفظاً في إيطاليا.
نظراً للاهتمام الكبير من الشعب الإتروسكي بالفخار اليوناني يُرجع البعض هذا السبب إلى ضعف واهمال الفنانين الإتروسكيين لفخارهم ولكن من خلال الدراسة يمكن القول أن الأواني الفخارية الإتروسكية تتميز بالتنوع اللامتناهي كما أن لكل فن سماته وخصائصه وبالتالي لا يجب مقارنة فن بآخر ليس اغفالاً لروعة الفخار اليوناني وتميزه ولكن لعدم التقليل من روعة الفن الإتروسكي الذى كان النواه الأولى للفن الروماني من بعده ودليلاً عليه قامت بعض الورش في أثينا ببلاد اليونان بصنع أواني تحاكي الأواني الإتروسكية ذات الموضوعات الخاصة بالرياضيين والحيوانات المفترسة والزخارف المعروفة عن أواني بونتك لتلبي حاجة السوق الإتروسكي وذلك دلالة على رواج التجارة في إتروريا واهتمام الفنانين اليونانيين بعمل نسخ مقلدة للفخار الإتروسكي في تلك الفترة فذاع صيتها في بلاد اليونان.