Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الآثار القانونية للسلوك اللاحق
والتغيير الجوهري في الظروف على المعاهدات الدولية
:
المؤلف
حواس ، محمد إبراهيم درويش علي .
هيئة الاعداد
باحث / محمد إبراهيم درويش علي حواس
مشرف / سعيد سالم جويلي
مشرف / صالح محمد محمود بدر الدين
مشرف / محمود حجازي محمود
مشرف / محمود حجازي محمود
الموضوع
القانون الدولي .
تاريخ النشر
2022
عدد الصفحات
446 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة حلوان - كلية الحقوق - القانون الدولي العام
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 447

from 447

المستخلص

معلوم أن القانون الدولي ليس له تقنين محدد محصور بين دفتي كتاب، كالقانون الجنائي أو المدني؛ لذلك فإن المعاهدات الدولية تعتبر أهم مصدر من مصادر القانون الدولي العام؛ لأنها تلعب دوراً مهماً وبارزاً في إنشاء العلاقات الدولية، وهي أهم وسيلة للاتصال بين الشعوب.
وتُعد المعاهدات الدولية من أهم وسائل الاتصال بين الدول وقت السلم، ووقت الحرب كذلك – كاتفاقية معاملة أسرى الحرب – وبالتالي تعد ركيزة أساسية وضرورية للتعاون بين الدول، وفقاً لما جاء في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة؛ إذ نصّت الفقرة الثالثة منه ”على تحقيق العدالة، واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات بين الدول.”
لذلك فقد قامت المعاهدات الدولية بدور بارز في العلاقات الدولية، حيث تعتبر المصدر الرئيسي الأول للقانون الدولي العام، وكانت منذ القدم وسيلة اتصال دولية، وأصبحت أداة لتنظيم العلاقات الدولية في عهد مبكر، أما أول معاهدة تم توقيعها في التاريخ فكانت معاهدة ”قادش” في القرن الثالث عشر قبل الميلاد التي أبرمت بين إمبراطوريتي الفراعنة والحيثيين، فقد تضمنت بنوداً قانونية وعسكرية ودبلوماسية نظمت العلاقات بينهما، وبعد ذلك توالت وازداد استعمال المعاهدات الدولية بشكل مستمر حتى كادت تصبح الوسيلة الوحيدة في التنظيم الدولي، ولكن المعاهدات في تلك الفترة كانت عبارة عن معاهدات تحالف أو صلح بحيث تحكم عملية إبرام المعاهدات الدولية قواعد العرف الدولي، الذي سعى بدوره إلى وضع قواعد منظمة للإجراءات المتعلقة بالمعاهدات وكلها كانت إجراءات عرفية، وتم تدوين جميع هذه الإجراءات عن طريق لجنة القانون الدولي المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بوضع مشروع لقانون المعاهدات الدولية عام 1969م، والتي سميت بـ”اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات”، ودخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ في 27 يناير 1980م، وهي اليوم بمثابة المرجع الأساسي والقاعدة العامة فيما يتعلق بالمعاهدات بين الدول المختلفة من حيث أطرافها وموضوعاتها ومن حيث الإجراءات المتبعة بشأنها.
ورد في ديباجة اتفاقية فيينا لعام 1969 أن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، تقديراً منها للدور الأساسي للمعاهدات في تاريخ العلاقات الدولية، واعترافاً منها بالأهمية المتزايدة للمعاهدات كمصدر للقانون الدولي، وكسبيل لتطوير التعاون السلمي بين الدول مهما كانت نظمها الدستورية والاجتماعية، وملاحظة منها أن مبادئ حرية الإرادة، وحسن النية، وقاعدة العقد شريعة المتعاقدين معترف بها عالمياً، وتأكيداً منها أن المنازعات المتعلقة بالمعاهدات، كبقية المنازعات الدولية، يجب أن تُسوّى بالطرق السلمية ووفق مبادئ العدالة والقانون الدولي، وتذكيراً منها بتصميم شعوب الأمم المتحدة على إقامة شروط يمكن معها الحفاظ على العدالة واحترام الالتزامات الناشئة من المعاهدات، واعتباراً منها لمبادئ القانون الدولي المقررة في ميثاق الأمم المتحدة مثل: الحقوق المتساوية، وتقرير الشعوب لمصائرها، والمساواة في السيادة واستقلال جميع الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومنع التهديد بالقوة أو استعمالها، والاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، واعتقاداً منها بأن التقنين والتطور التقدمي لقانون المعاهدات اللذين تحققا في هذه الاتفاقية، سيدعمان مبادئ الأمم المتحدة المنصوص عليها في الميثاق، وهي المحافظة على السلم والأمن الدوليين وتطوير العلاقات الودية وتحقيق التعاون بين الدول، وتأكيداً منها أن قواعد القانون الدولي العرفية ستستمر في حكم المسائل التي لم تنظَّم بأحكام هذه الاتفاقية.
وعوْداً لموضوع دراستنا نجد أن قواعد، ومبادئ، وأعراف القانون الدولي قد قننت الحقوق المختلفة للدول المشاطئة للأحواض والأنهار الدولية، ومنها نهر النيل، مما يتطلب التعاون بين هذه الدول في ظل قواعد القانون الدولي المستقرة، إلا أن الأعوام الأخيرة شهدت اختلافات، وادعاءات عديدة بين بعض الدول المشاطئة لحوض نهر النيل حول هذه الحقوق، بل وصلت ذروة هذه الاختلافات بين دول المنبع لحوض النيل ودولتي المصب: مصر، والمرور: السودان إلى قمتها؛ حيث وقعت كل من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبروندي اتفاقية التعاون الإطاري لدول حوض النيل في 10 مايو عام 2010 بمدينة عنتيبي بأوغندا.
فلا غرو، أن من الضروري الاعتراف بالواقع السياسي والقانوني الجديد بعد التوقيع على الاتفاقية الإطارية، ومصادقة البرلمان الإثيوبي عليها، والأنباء الواردة أيضاً من دولة جنوب السودان بأنها تعتزم الانضمام لذات الاتفاقية، وفرض الأمر الواقع سيزداد ترسخاً كلما زاد عدد دول حوض النيل الموقعة على الاتفاقية الإطارية، مما سيفضي إلى التنازع بين الاتفاقيات السابقة التي تكفل حقوق مصر بوصفها دولة مصب، والاتفاقية الإطارية الجديدة.
وزعمت الدول المبرمة لاتفاقية عنتيبي المشار إليها أن جميع الاتفاقيات القانونية السارية بشأن الانتفاع المشترك بنهر النيل لم تعد ملزمة لها، ومردّ ذلك -وفق زعم هذه الدول- للتغيرات الجوهرية المختلفة في الظروف الحالية عن تلك التي أُبرمت فيها الاتفاقيات المشار إليها.
لكن الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لقانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية تمثل جهداً دولياً كبيراً، استمر لما يقرب من ربع قرن بقصد تدوين وتقنين المبادئ العرفية المستقرة على مستوى الأحواض النهرية على المستوى العالمي في صياغة قانونية محكمة، حيث إن هذه الاتفاقية أصبحت بعد دخولها حيز النفاذ القانوني في عام 2014 هي المرجعية القانونية العامة التي تحكم جميع الاستخدامات غير الملاحية للأنهار الدولية، بحيث يجب الاحتكام للمبادئ القانونية الواردة بها عند إبرام اتفاقيات جديدة بين الدول النهرية أو عند تعديل النظم القانونية السارية عند نفاذ هذه الاتفاقية شرط توافق الدول النهرية المشتركة في نهر واحد على هذا التعديل، لذلك جاءت صياغة الأحكام القانونية في صورة إطارية، حتى تتماشى مع الخصائص الخاصة بالأنهار الدولية والتي تتباين في طبيعتها الجغرافية والجيولوجية والهيدرولوجية... إلخ، تاركة للاتفاقيات الخاصة بين دول الحوض الواحد تنظيم الأوضاع المميزة لكل نهر دولي، بما يحقق الحماية القانونية الشاملة للموارد المائية، في إطار يكفل الاستخدام الأمثل وتحقيق المنفعة لجميع دول الحوض النهري( ).
وتطبيقاً كذلك لنموذج معاهدة كامب ديفيد في 26 مارس 1979م، فعقب محادثات كامب ديفيد وقع الجانبان المصري والإسرائيلي على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وكانت الغاية الرئيسية للمعاهدة إنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات ودية بين مصر وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967 بعد حرب الأيام الستة، وتضمنت الاتفاقية أيضاً ضمان عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس، وقد نصت الاتفاقية أيضاً على البدء بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 في 22/11/1967م والذي نص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير وانهاء حالة الحرب.
كذلك فإننا سوف نتناول تطبيق نظرية تغير الظروف والسلوك اللاحق خارج المنطقة الاقليمية وذلك بالتطبيق على نموذج أوروبي فسوف نخصص فصل من الباب التطبيقي لاتفاقيات انشاء الاتحاد الأوروبي وأسباب الخروج البريطاني من هذا الاتحاد ”البريكست” وبذلك نكون قد تناولنا التطبيق العملي على المستوى الاقليمي والعالمي.
موضوع البحث:
يتناول البحث الآثار القانونية للسلوك اللاحق والتغيير الجوهري في الظروف على المعاهدات الدولية، من خلال التعرف على مفهوم المعاهدات الدولية وقوتها الإلزامية ودراسة السلوك اللاحق والتغيير الجوهري في الظروف على الاتفافيات الدولية وأثر تغير الظروف على الاتفاقيات الدولية وتطبيقاته العملية على الموضوعات الثلاثة السابق ذكرها.
أهمية البحث:
كان السبب الرئيسي في اختيار الموضوع محل الدراسة نظراً لأهميته، حيث تكمن الأهمية العلمية والقانونية لهذا البحث في التعرض للعديد من القضايا التي لم تنل قسطها من العرض والمناقشة والتحليل، في ظل الظروف والأحداث الجارية والمتلاحقة في المنطقة، وما تقتضيه الضرورة الملحة في معالجة هذه القضايا في إطار القانون الدولي، وخاصة أننا سنقوم بالتطبيق العملي على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل 1979 واتفاقيات دول حوض النيل، نتيجة لتأثير الظروف والأحداث منذ عام 2010 وحتى الآن على منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة وعلى مصر وجيرانها بصفة خاصة. وأيضًا سنأخذ النموذج البريطاني عندما نتناول ”البريسكت” واسبابه في ضوء القانون الدولي.
وهو ما يجعل من الضروري تفنيد مزاعم تلك الدول، وموقف اتفاقية فيينا للمعاهدات الدولية من هذه المزاعم في ضوء أحكام القانون الدولي.
وسوف يكون بحثنا في إطار أثر السلوك اللاحق والتغيير الجوهري في الظروف على المعاهدات الدولية؛ وحيث إن قاعدة تقيد المتعاقد بتعاقده ليست مطلقة، فهي تقبل بعض الاستثناءات؛ فإذا كان الأصل هو صحة المعاهدة واستمرار نفاذها وعدم المساس بصحتها كما كان مقرراً لها وقت إبرامها؛ فإن هذا لا يجب أن يؤخذ على إطلاقه، فقد تعتري المعاهدات الدولية أحياناً ظروف معينة طارئة أو أمور مستحدثة لم تكن متوقعة الحدوث، حدث ذلك على الساحة الدولية كثيراً، لكن فيما يخص مصر فقد سبق حدوث ذلك بالنسبة لاتفاقية تنظيم المعاهدة المتعلقة بمعبر رفح الحدودي الفاصل بين مصر وأراضي السلطة الفلسطينية عام 2005 مع إسرائيل تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، ومع تغير أوضاع الساحة الفلسطينية وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007 تم إغلاق المعبر، وكان هناك خلاف آنذاك بشأن بقاء المعاهدة سارية المفعول أم لا، الشاهد في الأمر أن مبدأ تغير الظروف وتأثيره على المعاهدات الدولية أصبح مؤثراً على مسار العلاقات الدولية، وهو ما سوف نتناوله في هذه الرسالة بإذن الله تعالى.