الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص (مُقَوِّمَاتُ التَّأْثِيْرِ الدَّلَالِيِّ فِي الخِطَابِ الإِقْنَاعِيِّ فِي القُرآنِ الكَريمِ) هوَ مَزْجٌ لِحُقُولٍ مَعرِفِيَّةٍ مُتَدَاخِلَةٍ بَيْنَ اللغَةِ والأَدَبِ والمَنْطِقِ والتَّفْسِيرِ؛ إِذْ يَتَشَاطَرُ البَحْثَ الدَّلَالَةُ والخِطَابُ والإِقناعُ فِي مَجالٍ بَحْثِيٍّ عَمِيقٍ؛ هوَ [النَّصُّ القُرآنِيُّ الكريمُ]. وقَد جاءَ البحثُ مُحَاوَلَةً مُتَواضِعَةً؛ لِلوُقُوفِ علَى أَهَمِّ مَا يَقُوْمُ عَلَيهِ التَّأْثِيرُ الدَّلَالِيُّ لِلنَّصِّ الخِطابِيِّ الإِقناعِيِّ القُرآنِيِّ الكَريمِ؛ إِذْ يَقُوْمُ عَلَى مُقَوِّمَيْنِ أَسَاسَيْنِ أَحَدُهُمَا عَقلِيٌّ مَنْطِقِيٌّ، والآخَرُ عاطِفِيٌّ، وَبَيْنَهُمَا مِسَاحَةٌ مُشتَرَكَةٌ بَيْنَ العَقلِ والعَاطِفَةِ وهِيَ مِسَاحَةُ الترويجِ أَوِ التَّأْثِيرِ الخارِجيِّ المُتَمَثِّلَةُ بالتَّرغيبِ والتَّرهيبِ، وقَد يَعْتَرِي المُتَلَقِّيْنَ شَيْءٌ مِنَ الوَهْمِ؛ بِأَنَّهُ ثَمَّةَ ضَغْطٌ نَفْسَيٌّ أَو تَغْيِيْبٌ للوَعْيِ قَد تَبُثُّهُ تِلكَ السِّيَاقَاتُ النَّصِّيَّةُ لِآيَاتِ الخِطَابِ الإقناعيِّ في المُخاطَبِينَ، أَو ثَمَّةَ تَعَارُضٌ بَيْنَ دَلَالاتِ آياتِ القِتَالِ وإِعْمَالِ السَّيفِ، وَبَيْنَ مَبْدَأِ الحُرِّيَّةِ الفِكْرِيَّةِ بِالاختِيَارِ الذي أَقَرَّهُ النَّصُّ القُرآنِيُّ بِإِبطالِهِ الإِكرَاهَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ، وباعْتِمَادِهِ الإِقنَاعَ بِالحُجَجِ العَقلِيَّةِ المَنْطِقِيَّةِ فِي تَرْسِيخِ المُتَبَنَّيَاتِ الفِكرِيَّةِ المُحْتَوَاةِ فِي طَيَّاتِ دَلَالاتِهِ، بِالرَّحْمَةِ والتَّلَطُّفِ والليْنِ والحُسْنَى. لَقَد كانتِ العربيةُ مباركةً بالتَّنْزِيلِ الكَرِيمِ الذِّي جَاءَ بِلِسَانِهَا، وبِالنَّبِيِّ العَرَبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي فَصَّلَ مُجْمَلَهُ وَبَيَّنَ أَحْكَامَهُ، ثُمَّ بِفَهْمِ القَرْنِ الأَوَّلِ مِنَ المُؤْمِنينَ مِنَ العَرَبِ الأَقْحَاحِ الذينَ كانتْ أَلْسِنَتُهُم جَاهِلِيَّةً فَصِيْحَةً، وَأَفْهَامُهُم سَلِيقِيَّةً تَنْسَجِمُ وَمَا فِيْهِ، وقُلُوبُهُم حَاضِرَةً تَعِيْهِ؛ فَقَد خَلَصَ البَحْثُ إِلَى أَنَّ دَلَالاتِ النَّصِّ القُرآنِيِّ الإِقناعِيِّ الكريمِ تَعْتَمِدُ فَهْمًا إِنسَانِيًّا عَامًّا بِقُلُوبٍ حاضِرَةٍ لَا تَشُوبُهَا عُجْمَةٌ؛ تَعِي مَا يَرِدُ فِي النَّصِّ الكَريمِ، وَهذَا لا يَعْنِي إِبْطَالَ العَقْلِ؛ لِأَنَّهُ آلَةُ الفَهْمِ وَمَنَاطُ التَّكْلِيْفِ، وَبِهِ يُقْطَعُ بِحُجِّيَّةِ دَلَالاتِ الإِقنَاعِ، ومَنْطِقِيَّةِ مُحْتَوَاهَا؛ إِذْ بِهِ سَاغَ التَّحْذِيْرُ بِالتَّرْغِيبِ والتَّرهيبِ مِنْ مَغَبَّةِ الإِعراضِ؛ يَقولُ البَاقِلَّانِيُّ (المُتَوَفَّى: 403هـ): (لَوْلَا أَنَّهُ حُجَّةٌ لَم يَضُرَّهُم الإِعْرَاضُ عنهُ). |