الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص كعادة الأمم والحضارات تبدأ قوية فتية وتستعرض كل عوامل انتصارها في أبهة العيش وهو حزم الحاكم المؤسس الذي امتلك الدهاء في إقامة دولته فكان واجب عليه أن يظل بهذا الدهاء والحكمة حتى يرسى قواعد دولته الناشئة ونجدها تتكر في العصور وفي كل الحضارات حتى أنه يصدق معه المقولة الشهيرة بأن التاريخ يعيد نفسه . لكن حينما تتم هذه الدول مرحلة الاستقرار يستكين قاعدتها وينعموا بمجدها وترفها ويعيش حالة من البذخ ويظهر ذلك في القصو والمباني المترفة والطنافس قد تكون هذه الحالة مفيدة للصناع والحرفيين الذين يزدهروا في هذه العصور لإتمام البناء والتشييد وصناعة التحف . ولكن تبقى حالة السكون والتي والترف هذه أرضاً خصبه لخروج المنافقين والمداحين الذين يرغبون في كسب الأموال بسهولة ولو على حساب الأمانة والعدل . وقصة الفساد المالي والإداري قديمة ولم تبدأ مع الدولة العباسية فقد تحول الفساد إلى ثمة بارزة في نظام الخلافة الأموية وخاصة بعد أن تحول بيت المال إلى الملك الشخصي لفرد الخليفة يعطي منه ما يشاء للشعراء والقصاصين ويؤلف به قلوب بعض العرب إلى نظام حكم وهو ما فعله الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان وإن كان معاوية حافظ على قد المستطاع ألا يخرج بيت المال على وظيفته الأصلية لكن الخلفاء اللاحقين له شابهم التجاوز والانحراف . وكذلك تحول البيت المال لملك شخصي لفرض الخليفة بل ملك أسرى في عهد الدولة العباسية وقد بدأ مع عصر هارون الرشيد فتكونت حوله طبقة من الملاك وأصحاب الأموال كانت تشكل طفيليات اجتماعية تنمو وتعيش على حساب المال الإسلامي العام وهو ما يفسر انتشار مظاهر الملاهي وإزدهار أسواق النخاسة وتجارة الرقيق لا سيما الرقيق في الجواري والغلمان وينقل السيوطي في كتابه ”تاريخ الحلفاء ” أنه كان للمعتصم العباسي غلام يقال له عجيب لم يرى الناس مثله في جماله و كان مشغوفاً به ونظم فيه شعرا غزلياً. |