الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص فقد تناولت هذه الرسالة (مراعاة المخاطب بين النحويين والبلاغيين) من خلا دراسة تحليلية موازنة، فالعلاقة بين المتكلم والمخاطَب علاقة أزلية؛ إذ تربطهما وشائج متينة، وهذا الترابط محكم بالعبارات اللغوية التي تدور بينهما، والكلام هو أداة المتكلم لنقل أفكاره وما يجول في ذهنه إلى المخاطَب، لذا كان لزاما عليه أن يراعي المخاطَب عند صياغة التراكيب اللغوية، فالكلام إذا لم يكن مفهوما لدى المتكلم انتفت الحاجة إلى وجوده، وعليه فإنَّ التواصل بين الطرفين يكون محكومًا بعوامل عدة يبتغيها المتكلم ويجعلها تتحكم في صياغة عباراته، ومنها: مقدار علمه وثقافته، ومدى فطنته ونباهته، أو بلده، ولهجته، فمثل هذه الأمور تحكم العملية اللغوية، وتضفي عليها طابع المعرفة لصياغة النسق التعبيري المعبر عن الحالة التي يبغي المتكلم نقلها، لذلك كان التتبع لحالات المخاطَب، وقد توارد ذكرها في كتب النحويين والبلاغيين قديمًا وحديثًا موضحين ما له من أثر بالغ في الكيفية التي تُنسج على وفقها العبارة اللغوية، ويستشف أن ما أرساه علماء النحو والبلاغة من قواعد يمثل جذورًا لما يعد من إبداعات الغربيين، ومن الأفكار التي يحسب الفضل لهم في فتق الحديث عنها. فإن علماءنا كان لهم قصب السبق فيها مبرهنين عليها بنصوصهم وأقوالهم التي تعد دليلًا لا يقبل الشك لكل متأمل متدبر فيها. |