الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تتعاقب العقود تباعا ، وتزدهر حضارات ، وتضمحل وتندثر اخرى ، ويظل لكل عصر ثقافته ، ونموذجه للادراك والمعرفة الخاص به ، والتى تميل لوصف كل ما هو محيط ، ونموذج العصر الحالي هو رفض الانماط المفروضة عليه ، وهو أمر يتناسب مع متغيرات العصر الحالي التي تتسم بتزايد وتيرة الاتصال بين القنوات المختلفة للمجتمعات التي شهدت تحولات جوهرية هامة خلال رحلة تطورها نحو المعاصرة ، ولم تنل تلك التحولات من ظاهر المجتمعات فحسب ، بل توغلت الى بواطن هذا الكيان الإجتماعي ، لتشكل معالم حياتية ومعرفية جديدة ، أدلت بدلوها على الفرد ، كجزء من المجتمع ، ومنه الى المجتمع ككل. إن التطور هو مسار ، ضمن مجموعة من المسارات المتوازية أوالمتداخلة ، والتى يسيرخلالها ركب الإنسانية بحثا عن الذات ، كما إنه مصير، لا يمكن كبح جماحه أو قمعه ، فمع تطور العصر ، باتت حياة الفرد اكثر تعقيدا ، وباتت قنوات الإتصال مع الآخر أكثر إنفتاحا ، وأكثر رغبة على التمرد على مفاهيم الجمال فى صورتها النمطية المطلقة ، وإزدادت معرفة الفرد ببواطن ذاته ، لتنبيء بتحول الفنون نحو قضايا ذاتية ، فى رؤية مفاهيمية مجتمعية ، دعمتها قدرة الفنان على إرساء مفردات أجازت ما أراد التعبير عنه ، لتصير ذاتية الفنان هى موضوع عمله ، فكل ما يحيط بالفرد هو بمثابة امتداد له. لعبت التكنولوجيا دورا محوريا فى محاكاتها للوعي ، بداية من إبتكار الفرد لأبسط وسائطه وخاماته المختلفة للتعبير، ووصولا لأكثر التقنيات تعقيدا ، وهو ما صاحبه تطور معلوماتية العصر من تداخل انماط المعرفة المختلفة عبر كم هائل من المادة المعلوماتية التى يتم تناقلها بشكل مستمر ، فتقاربت الابعاد الاجتماعية والسياسية ، وصار التجانس اكثر تداخلا بفضل الوسائط المختلفة ، ليوقظ وعى الفرد بصورة اكثر عمقا وتركيزا ، وهو ما ادلى بدلوه على انماط التواصل ، فباتت مختلفة بدورها ، بل صار من غير المقبول الخضوع لمحدودية التلقي عبر أطر معرفية ضيقة ، وفى الوقت الذي ظلت مصطلحات كالهوية والأصالة تحاول الصمود أمام تلك التحولات الفكرية بخطاها المتسارعة ، إزدادت المفاهيم المرتبطة بالمعاصرة إصرارا على اللحاق بركب كل ما هو جديد. هذا السباق المحموم بين تلك الرؤيتين ، هو تنافس تاريخي بين ما هو قائم بالفعل وبين ما هو آت ، بإختلاف المعطيات والتقنيات ، وحقيقة الأمر ان الهوية والتراث الثقافي لمجتمع ما تمثل ابعادا اكثر عمقا من مجرد الإطار الظاهري لتناولهما ، فالفرق بين مضمون الهوية وظاهرها كبير ، وتلك هى الإشكالية التى تواجه أى عمل فني ، فأى عمل فني أصيل يعد امتداد للهوية والخلفية الثقافية والفكرية للفنان ، وما يحدث فى الفنون المعاصرة هو اعادة صياغة لعلاقة الفنان بالهوية من خلال الوسيط الملائم للعمل اولا ، ومتطلبات العصر ثانيا ، وهنا يجدر الاشارة الى ان كلتا الرؤيتين هما مساران يمران بمناطق التوازي حينا ، والتداخل حينا اخرى ، مساران متكاملان يشكلان ملامح أى تجربة فنية تتسم بمضمون أصيل ومعاصر. لقد حاول الدارس فى هذا البحث محاولة إضفاء بُعد الحركة فى اللوحة فى فن التصوير ، متناولا مفهوم الحركة فى العمل الفني ، بمحاورها المختلفة فى العمل الفني من خلال هذا البحث المكون من خمسة فصول كما يلي: الفصل الأول بعنوان: الإطار العام للبحث. يشمل مقدمة عامة ومشكلة البحث وأهدافه ومبرراته ، وإجراءات البحث ، وينتهي هذا الفصل بالهدف من البحث. الفصل الثاني : الدراسات السابقة والإطار النظري. يشمل الدراسات السابقة والمرتبطة بموضوع البحث ، كذلك التعرض للإطار النظري والخلفية التاريخية للبحث. وينقسم هذا الفصل الى : أولا : الدراسات السابقة المرتبطة بموضوع البحث. ثانيا : الإطار النظري ويشمل : المبحث الأول : مدخل تاريخي للعلاقة بين العلم والفن وتداعياتهما على المبدع. فى البداية يتناول الباحث العلاقة بين العلم والفن ، متطرقا لجذور العلاقة بين العلم والفن تاريخيا ، مع التعرض لتطور تلك العلاقة وتداعياتها على الإبداع. ثم يتطرق الباحث الى ادراك كلا من العلم والفن بين الشكل والمعنى ، وهو ما يقتضي التعرض لمفهوم الإبداع ومراحله فى العلوم والفنون من خلال التعرض للتكنولوجيا بين كونها لفظ و ظاهرة، ملقيا الضوء على مفهومها ، وتطورها عبر التاريخ ، بداية من علم الصنعة ، ووصولا الى الوسائط الفنية المتطورة. يختتم الباحث هذا الفصل بالفنون الرقمية ، ووسائطها المختلفة ، مع التعرض لمجموعة من الأعمال الفنية التى إعتمدت على هذه التطبيقات والوسائط الرقمية. المبحث الثاني : وحدة الفنون بين الموروث والمعاصرة منذ النصف الثاني من القرن العشرين. |