Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الدِّيَةُ وَالتَّعْوِيضُ
فِي الفِقْهِ الإِسْلامِيِّ وَالقَانُونِ المَدَنِيِّ:
المؤلف
بكر ، محمد عبد الرحمن محروس محمود
هيئة الاعداد
باحث / محمد عبد الرحمن محروس محمود بكر
مشرف / حسام الدين كامل الاهواني
مشرف / ممدوح واعر عبد الرحمن
مناقش / سعيد أبو الفتوح
مناقش / تامر محمد الدمياطي
تاريخ النشر
2022
عدد الصفحات
472ص.؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2022
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون المدني
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 472

from 472

المستخلص

لا شك أن حفظ النفس من أهم ما جاءت به كافة الشرائع والقوانين حفاظًا على المجتمع ونشر الأمن والاستقرار بين أفراده، ومن هنا جاءت آيات القرآن الكريم تقرر الدِّيَة جراء الاعتداء على النفس، وتكون واجبة على كل من أضر بالنفس البشريَّة، كما نصَّت القوانين على الدِّيَة الشرعيَّة لذات الغاية وهي حفظ النفس، ولتحقيق الأمن والاستقرار.
وتعد الدِّيَة عقوبة من نوع خاص فهي تجمع بين العقوبة الجزائيَّة والتَّعويض المدني، فهي عقوبة للجاني وتعويض للمجني عليه، وهي تفرض لزجر الجاني وردع المجتمع لعدم ارتكابه جريمة الاعتداء على النفس البشريَّة التي كرمها الله -سبحانه وتعالى-، والدِّيَة الشرعيَّة عقوبة جزائيَّة ذات حد واحد لا يملك القاضي إنقاصها أو الزيادة عليها، فدية الصغير كدية الكبير، ودية الحاكم كدية المحكوم، وهي في ذات الوقت ضمان مالي يدفع للمجني عليه أو ورثته؛ لتعويضهم عمَّا ألم بهم من ضرر على فقد مورثهم.
وللدِّيَة شروط يجب توافرها، فمنها ما يتعلق بالفعل الموجب للدِّيَة، كأن يكون الفعل ضارًّا غير مشروع، وأن يكون صادرًا من غير المجني عليه، وأن يكون ذلك الفعل مؤديًا إلى الضرر، وأن يكون نتيجة عن القتل الخطأ أو شبه العمد أو القتل العمد عند تنازل أولياء الدم.
ومن الشروط الموجبة للدِّيَة والمتعلقة بالضرر، أن يكون الضرر نتيجة للتعدي أو التقصير، وأن يكون ذلك الضرر واقعًا على بدن المجني عليه، وأن يكون ذلك الضرر مستقرًا.
كما توجد شروط تجب في المجني عليه (المضرور)، كأن يكون معصوم الدم، وأن يكون الضرر مستقرًا في بدنه.
وقد نظمت قوانين وأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي الدِّيَة والأروش، فمنها ما ورد تنظيمه في القوانين العقابية؛ ليحكم بها القاضي الجزائي، ومنها ما تضمنتها القوانين المدنية ليقضي بها من القاضي المدني، ومنها ما نظمتها في قوانينها العامة ومنها من أفردتها في قوانين خاصة بها.
وبالنسبة لتحديد مقدار الدِّيَة، فقد حددت الشريعة الإسلاميَّة ذلك بمائة من الإبل، أمَّا القوانين الآخذة بأحكام الدِّيَة، فقد قوَّمتها بالمال، وحددت لها مقدارًا محددًا بموجب نص قانوني، كالمشرع الإماراتي الذي حدد مقدار الدِّيَة بمبلغ 200 ألف درهم إماراتي.
وقد كان هناك خلاف في مقدار الدِّيَة بين الرجل والمرأة في دولة الإمارات؛ حيث لم يكن هناك نصٌّ صريحٌ يساوي بين دية الرجل والمرأة، حتى جاء المشرع الإماراتي بموجب القانون الاتحادي بقانون رقم 1/2019، والذي نص صراحة في مادته الأولى على أن دية الرجل ودية المرأة هي 200 ألف درهم، وكذلك تم تحديد مقدار الدِّيَة في كافة قوانين وأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي، والآخذة بنظام الدِّيَة.
وأمَّا المشرع المصري فلم يأخذ بنظام الدِّيَة في تشريعاته، وذلك على الرغم من أنه كان هناك مشروع قانون العقوبات الإسلامي المصري، والذي نظم أحكام وشروط ومقدار الدِّيَة في نصوص تفصيلية، ونوضح أن مشروع قانون العقوبات الإسلامي المصري ومذكرته الإيضاحية الذي نظمته لجان قانونية متخصصة بمجلس الشعب المصري في الفترة من عام 1979 حتى 1982م؛ حيث نظم أحكام الدِّيَة الشرعيَّة في المواد من 212 حتى 220، إلا أنه لم يتم الأخذ بها أو سنه حتى الآن.
ولما كانت جرائم القتل الخطأ وشبه العمد تؤدي إلى أضرار جسيمة بورثة المجني عليه، وكذلك تؤدي الحوادث والاعتداء على جسد الإنسان وإحداث إصابات به أضرار جسيمة، سواء كانت تلك الأضرار ماديَّة جسديَّة أم معنويَّة أدبيَّة، تقوم المسئولية التقصيرية فيها على أركان ثلاثة، أولها الخطأ، وثانيها الضرر، وثالثها علاقة السببيَّة الرابطة بين الركنين السابقين، ولم يحدد الشرع ولا القانون حصرًا للأفعال – الأخطاء – الموجبة للمسئولية التقصيرية، فأي فعل رتب أضرارًا للغير يلزم محدثه بتعويض المضرور، تعويضًا جابرًا للضرر.
ويشترط تحقق وقوع الضرر كركن من أركان المسئولية التقصيرية، وأن يكون ذلك الضرر فاحشًا وليس يسيرًا، ويجب أن يُخل بمركز يحميه الشرع والقانون، ويعتبر تفويت الفرصة ضررًا حتى ولو كانت أمرًا يدور في دائرة الاحتمال، إلا أن تفويتها أمرًا محققًا يستوجب التَّعويض بشرط أن تكون جادة وحقيقية، وأن يثبت الضرر، وهو ما اشترطه الشرع والقانون.
وقد أوجبت الشريعة الإسلاميَّة التَّعويض عن كافة الأضرار، سواء كانت ماديَّة جسديَّة أم أدبيَّة معنويَّة، فقد قال ﷺ: (لا ضرر ولا ضرار)، فالألفاظ جاءت هنا عامة مطلقة غير مقيدة بضرر معين، ولا بفعل معين.
ويكون التَّعويض جابرًا للأضرار، وموازيًا لما نقص من ذمة المضرور المالية وما لحقه من أضرار وما فاته من كسب، وكذلك يشمل الضرر المعنوي والأدبي، وهو ما يمثل ما أصاب المضرور من معاناة نفسيَّة وحسرة وآلام.
وإن كانت الشريعة الإسلاميَّة قد حددت مقدار الدِّيَة والأروش سلفًا، وهو خير ما فعلت حتى لا يُترك أمر التقدير جزافًا، إلا أن الشريعة لم تمنع المطالبة بالتَّعويض عن الأضرار الماديَّة والأدبيَّة التي لم يشملها مبلغ الدِّيَة أو الأروش، فمتى زاد الضرر زاد الألم، وهو ما يستوجب التَّعويض، وهو مُقَوم بالنقود حاليًا بعد أن كان مقومًا قديمًا بالذهب والفضة والجمال.
وقد منح القانون للقاضي سلطة الاستعانة بالخبراء لتقدير قيمة الأضرار الواقعة على المضرور، أو لتحديد جسامة أخطاء المخطئ، وذلك لأن القاضي قد لا يكون على دراية بأمور فنية، وقد يحول ذلك دون تقدير التَّعويض على نحو دقيق، كما أن القاضي غير ملزم بالأخذ بكافة ما يرد بتقارير الخبراء المنتدبين في الدعوى، وقد يطرح تقريرهم دون الأخذ به متى لم يطمئن إليه.
وتتفق كافة القوانين والأنظمة في ضرورة جبر الأضرار الواقعة على الغير نتيجة أي فعل، فكل فعل يتسبب في إضرار الغير، يلزم فاعله بضمان الضرر، وتعويض المضرور عما أصابه.
وتعتبر جميع أموال المسئول عن الفعل الضار ضامنة لتعويض المضرور، ولكن المضرور لا يمتاز عن سائر دائني المسئول عن الفعل الضار بل يشاركهم مشاركة الغرماء.
وقد أثار التداخل بين الدِّيَة والتَّعويض جدلًا فقهيًّا حول مدى جواز الجمع بينهما من عدمه، فرأى البعض بأن الدِّيَة عقوبة جنائيَّة، وبالتالي يمكن المطالبة بالتَّعويض متى حكم على الجاني بالدِّيَة، ويرى رأي آخر أن الدِّيَة تمثل تعويضًا مدنيًّا على الرغم من صدور الحكم بها من قاض جزائي، فهي تمثل تعويضًا مدنيًّا ولا يجوز للمضرور أو المجني عليه طلب التَّعويض مرة أخرى أمام القاضي المدني، ويرى الرأي الراجح أن الدِّيَة هي عقوبة خاصة تشمل الجمع بين العقوبة الجزائيَّة والتَّعويض المدني فهي عقوبة جزائيَّة كونها ذات حد واحد لا يملك القاضي إنقاصها أو زيادتها، وهي مقدرة سلفا مثلها مثل الغرامات ويتم القضاء بها من القاضي الجزائي في بعض التشريعات دون طلب من الورثة، وهي من جهة أخرى تعويض مدني كونها تدخل في ذمة المجني عليه أو ورثته كتعويض لهم عن فقد مورثهم، ولا يمنع القضاء بالدِّيَة من قبل القاضي الجزائي من أحقية المضرور من المطالبة بالتَّعويض أمام القضاء المدني عن باقي عناصر الضرر التي لم تغطها الدِّيَة.
إلا أن بعض الدول تُلزم المضرور المطالبة بمقدار الدِّيَة أمام القضاء المدني، وتعتبر مقدار الدِّيَة في تشريعاتها ومقدار الأروش هو الحد الأدنى الذي لا يمكن النزول عنه، ولا يوجد ما يمنع المضرور من المطالبة بالتَّعويض عن الأضرار التي لا تغطيها مقدار الدِّيَة متى أثبت ادعاءه.
أولا: النتائج:
توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج، ويمكن إيضاحها على النحو التالي:
1- تطبيق أحكام الدِّيَة في التشريعات التي أخذت بها دول مجلس التعاون الخليجي إلى يمكن أن يقال انه أدى الى انخفاض جرائم القتل الخطأ وشبه العمد؛ لما تمثله من ردع عام وخاص في تلك المجتمعات، ويمكن القول أيضاً انها ساعدت على انخفاض معدلات حوادث الطرق، ، ذلك أن فرض الدِّيَة يمثل زجر للجاني وردع للمجتمع لمنعهم من الاعتداء على النفس البشريَّة .
2- توصلت الدراسة إلى أن الدِّيَة الشرعيَّة هي عقوبة من نوع خاص؛ فهي تجمع بين العقوبة الجزائيَّة كونها مبلغًا معينًا المقدار سلفًا مثله مثل الغرامات ولها حد واحد لا يملك القاضي إنقاصه وهو أيضًا ما يتشابه مع العقوبة الجزائيَّة وأيضًا يقضي بها القاضي دون الحاجة إلى طلبها من ورثة المجني عليه، ومن ناحية أخرى فهي ضمان مالي يدفع للمجني عليه أو ورثته لتخفيف آلام المضرور.
3- الدِّيَة مقررة في الشريعة الإسلاميَّة وقد أخذت بها الدول التي نصَّت في قوانينها وأنظمتها على أن أحكام الشريعة الإسلاميَّة تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدِّيَة، وفرضتها كعقوبة لجرائم معينة، ومن هذه الدول دولة الإمارات العربيَّة المتحدة .
4- تتفق الدراسة مع الرأي الغالب القائل بأن دية المرأة تتساوي مع دية الرجل كون آيات القرآن الكريم التي فرضت الدِّيَة جاءت بصيغة العموم ولم تميز بين دية الرجل ودية المرأة، كما ثبت ضعف أدلة الرأي القائل بأن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وقد اتجهت معظم القوانين الآخذة بنظام الدِّيَة إلى ذلك الرأي الذي ساوى بين دية المرأة ودية الرجل.
5- توصلت الدراسة إلى عدم وجود مانع من المطالبة بالتَّعويض على الرغم من القضاء بالدِّيَة، وفي شأن التَّعويض وأركان المسئولية التقصيرية القائمة عليه يُعد سلوك الرجل العادي هو المعيار العادل لقياس الأفعال التي يتحدد على أساسها وجود خطأ من عدمه كركن من أركان المسئولية التقصيرية، ولكن دون أن يتجرد هذا المعيار من الظروف الخارجية العامة التي تحيط الفعل الضار، كظرفي الزمان والمكان.
6- يتحمل المخطئ نتيجة خطئه، وإذا وقع الفعل الضار من أكثر من شخص تنعقد المسئولية بينهم بالتضامن حتى ولو لم يكن في نيتهم الإضرار بالغير، ولا يجوز احتجاج المسئولين عن إحداث الفعل الضار باتفاقهم على تحمل أحدهم فقط دفع التَّعويض في مواجهة المضرور؛ حيث إن هذا الأخير بالنسبة لهم يُعد من الغير لا يجوز الاحتجاج باتفاقهم في مواجهته.
7- توصلت الدراسة إلى أن الشريعة الإسلاميَّة قد أقرت التَّعويض من كافة الأضرار، سواء كانت ماديَّة أو أدبيَّة، ويؤكد على ذلك قوله ﷺ: (لا ضرر ولا ضرار)، فلم يُقيَّد النص بضرر مادي فقط، بل إن اللفظ شامل كافة الأضرار.
8- تقدير التَّعويض يكون وقت صدور الحكم القضائي في دعوى التَّعويض وليس وقت وقوع الضرر، وذلك نظرًا للتغير المضطرد في الأوضاع الاقتصادية وتدني قيمة العملة يومًا بعد يوم وعدم استقرارها ولا يُقبل تحمل المضرور عواقب تأخر العدالة، أو يكون تقدير التَّعويض وقت وقوع الفعل الضار، إذا كان أصلح للمضرور.
9- تقوم المسئولية الموضوعيَّة على ركن الضرر، فإذا تحقق الضرر وقعت المسئولية، والعكس صحيح، إذا انتفى الضرر انتفت المسئولية.
10- مبدأ تحمل التبعة وما استندت إليه أوسع في تطبيقه من الناحية العملية من قاعدة الغرم بالغنم وقاعدة الخراج بالضمان، حيث إن تطبيق مبدأ تحمل التبعة قد يطال في المسئولية أشخاصًا، طالما وجد تابعين لهم، ولو لم يستفيدوا من نتاجهم، وعلى الرغم من ذلك يتحملون ما يصدر عنهم.
11- توصلت الدراسة إلى عدم وجود مانع شرعي للجوء المضرور للمطالبة بالتَّعويض المادي والأدبي والزائد على المبلغ المقدر سلفًا في الدِّيَة أو الأروش؛ وذلك لأن الضرر يجب أن يُرفع كاملًا، أيًّا كان نوع الضرر أو شكله، ويكون للقاضي تقدير التَّعويض الجابر للضرر بعد دراسة الدعوى والوقوف على جسامة الأضرار التي لحقت بالمضرور جراء الخطأ ومسئولية المخطئ.
12- يُعد اللجوء إلى الخبرة في الإثبات أو في النفي في الدعوى أحد أهم الوسائل الفنية التي لا يمكن الاستغناء عنها؛ حيث يمكن من خلالها الوقوف على طبيعة ومقدار ما أصاب المضرور من أضرار؛ ومن ثم تقدير التَّعويض الجابر للضرر على مرتكب الفعل الضار.
13- أخذ المشرع المصري في تقنينه المدني بالاعتداد بمبدأ جسامة الخطأ في تقدير التَّعويض، وذلك في إطار إلزام القاضي بمراعاة الظروف الملابسة والمنصوص عليها في المادة 170 من القانون المدني من القانون المدني.
14- اختلفت آراء الفقه في مدى جواز الجمع بين الدِّيَة والتَّعويض، وكذلك تعارضت الأحكام القضائيَّة لدى الدول التي تأخذ بأحكام الدِّيَة، وتتفق الدراسة مع الرأي القائل بأن الدِّيَة عقوبة جزائيَّة ذات طبيعة خاصة تجمع ما بين الجزاء والتَّعويض في آن واحد، فهي عقوبة جزائيَّة مقدرة سلفًا ذات حد واحد لا يملك القاضي إنقاصها في حال وجوبها، وهي في ذات الوقت تدخل في ذمة المجني عليه المالية أو ورثته ولا تسدد إلى خزانة الدولة.
15- توصلت الدراسة إلى جواز الجمع بين الدِّيَة والتَّعويض؛ إذ يحق للمجني عليه أو ورثته إقامة دعوى تعويض للمطالبة بباقي عناصر الضرر التي لم تغطها الدِّيَة، وعليهم إثبات ماهية الضرر الواقع عليهم ومداه، سواء كان ضررًا ماديًّا أم أدبيًّا.
ثانيًا: التوصيات
1- إن الحق في الحياة أعظم الحقوق المشروعة التي أكدت عليها كافة الأديان السماويَّة والقوانين الوضعيَّة؛ ولذا توصي الدراسة بزيادة مقدار الدِّيَة في الدول التي تطبق أحكامها؛ لتتناسب مع القيمة المقدرة بها في الشريعة الإسلاميَّة وهي ألف دينار ذهب والتي توازي 4.250 غرام من الذهب، بحيث يتم إعادة تقويم مقدار الدِّيَة ليناسب ذلك المقدار، وذلك تطبيقًا لما هو مقرر في الشريعة الإسلاميَّة والتي حددت مقدار الدِّيَة بألف دينار من الذهب، باعتبار أن مقدار الدينار الإسلامي الذهبي هو 4.25 غرام ولأن التقييم بالذهب هو الأنسب لتفادي مشكلة تضخم العملة.
2- يناشد الباحث المشرع المصري بإصدار تشريع يطبق أحكام الدِّيَة الشرعيَّة في قانون العقوبات أو إصدار قانون خاص أسوة ببعض الدول العربيَّة ومنها دولة الإمارات العربيَّة المتحدة ودولة الكويت، وذلك للحد من الاستهانة بالنفس البشريَّة والإساءة إليها والإضرار بها دون ضابط أو رادع ويوجب هذا التشريع على الجاني في القتل الخطأ وشبه العمد والقتل العمد عند تنازل أولياء دم المقتول أداء الدِّيَة لورثة المتوفى، وذلك للحد من جرائم القتل؛ إذ من الممكن أن يكون هناك ارتباط وثيق بين تقرير الدِّيَة وأيضًا زيادة مقدارها وتقليل جرائم القتل؛ لأن فرض الدِّيَة يحقق دورًا مهمًّا في تخفيض جرائم الاعتداء على النفس وتقلل من جرائم القتل، ولذا وجب العمل عل تشريع قانون يفرض عقوبة الدِّيَة على جرائم القتل ليكون ردعًا للجاني عن ارتكاب الجريمة وأيضًا لحثه على مراعاة واجباته وعدم التقصير أو الإهمال الناتج عنه القتل الخطأ أو شبه العمد، كون معدلات جرائم القتل قد زادت في الآونة الأخيرة، سواء القتل الخطأ الناتج عن حوادث السيارات أو غيرها من الحوادث التي تودي بحياة الأبرياء، أو القتل شبه العمد أو القتل العمد.
3- يناشد الباحث المشرع المصري بسن تشريع للتأمين الإجباري في مصر ضد حوادث الوفاة، وأن يفرض على كافة العاملين بالقطاع الحكومي والقطاع العام والخاص والمقاولات، والسائقين، فيتم التأمين ضد حوادث الوفاة على أي شخص يمارس أي عمل حتى ولو كان عملًا موسميًّا، وأن تكون شركات التأمين مسئولة عن سداد الدِّيَة بموجب العقد المبرم بينها وبين المؤمن له بمجرد صدور حكم من القاضي الجنائي بالدِّيَة، وأن تكون جهة العمل هي الملزمة بإبرام عقود مع شركات التأمين عن موظفيها ضد حوادث الوفاة لسداد الدِّيَة، وكذلك تلتزم كافة جهات منح التراخيص بعدم منح الترخيص أو تجديده إلا بعد تقديم ما يثبت إبرام عقد التأمين ضد حوادث الوفاة، وذلك نظرًا لكثرة الأخطاء الطبية وحوادث الطرق وغيرها مما يترتب عليه وفاة الأشخاص خطأ أو إهمالًا؛ لذا يوصي الباحث بضرورة تعميم التأمين ضد حوادث الطرق والأخطاء الطبية، وأن يتم اختصام شركات التأمين تلك في الدعاوى المدنية لمطالبتهم بالتضامم مع المسئول عن الفعل الضار بسداد مبالغ التَّعويض التي يقضي بها القضاء.
4- يناشد الباحث المشرع في الدول الآخذة بنظام الدِّيَة في أحكامها أن تساوي بين دية الرجل ودية المرأة، فلقد كرم المولى -سبحانه وتعالى- المرأة، وجاءت آيات القرآن الخاصة بالدِّيَة بصورة عامة لم يفرق فيها بين دية الرجل ودية المرأة.
5- توصي الدراسة بإنشاء مؤسسة ضمان اجتماعي لسداد الدِّيَة في حال حوادث السيارات عند عدم إمكانية التنفيذ على أموال قائد السيارة أو عدم وجود مال له، وتكون تلك المؤسسة تابعة للدولة، ويكون مصدر مالها من أموال السائقين تسدد برسوم مع استخراج أو تجديد رخص القيادة، على أن تتكون مؤسسة الضمان الاجتماعي تلك من جميع المؤسسات والجمعيات والشركات المسجلة في الدولة، ويتم فرض قدر مالي بسيط بصفة شهرية على كل منتسب لهذه المؤسسة وتجمع هذه الاستقطاعات في صندوق خاص لمثل هذا الغرض، ويتم الاشتراك في هذه المؤسسة وسداد رسوم شهرية بشكل إجباري، وكذلك يمكن استقطاع مبلغ بسيط عن تموين أي سيارة بالبنزين يتم توريدها لمؤسسة الضمان الاجتماعي، وكذلك يمكن سداد رسوم عند تأمين وفحص وترخيص السيارات بالمرور.
6- يوصي الباحث كافة الدول بضرورة تحديث تشريعاتها بشأن تنظيم أعمال الخبرة، وهو ما انتهجه المشرع المحلي بإمارة دبي بدولة الإمارات العربيَّة المتحدة بموجب القانون رقم 13 لسنة 2020 بشأن تنظيم أعمال الخبرة أمام الجهات القضائيَّة في إمارة دبي، اذ يلجأ القاضي إلى الخبراء المتخصصين لتقدير قيمة الأضرار والتي على أساسها تحسب قيمة التَّعويض.
7- وفي شأن تقدير الأضرار في الأخطاء الطبية يوصي الباحث بأن تشكل اللجان الطبية والخبراء في هذا الشأن من ثلاثة على الأقل، يرأسهم طبيب بدرجة كبير أطباء؛ ضمانًا لنزاهة التقرير وحفاظًا على حقوق المضرور.
8- يوصي الباحث المشرع المصري والإماراتي ومشرع كل دولة في الدراسة الماثلة بضرورة سن تشريع يعطي حق الامتياز لدين التَّعويض المقضي به والدِّيَة، كون هذا الدين تعويضًا عن إزهاق الروح البشريَّة أو الاعتداء على سلامة جسد الإنسان كون حفظ النفس البشريَّة من الأمور المهمَّة التي نادت بها كافة الأديان السماويَّة وكذلك كافة الاتفاقيات الدولية وتشريعات كافة الدول على أن يكون النص المقترح سنة كالآتي: ( يكون لدين التَّعويض المقضي به عن الاعتداء على النفس البشريَّة أو جسد الإنسان حق امتياز يلي ديون الدولة ودين النفقة).