الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص بقدرِ ما أوجدت التكنولوجيا من خدماتٍ جليلةٍ للمجتمع, إلَّا أنَّها أفرزت جرائم جمَّا, وذلك بالنظر للاستخدامات السلبيِّة للوسائل الإلكترونيَّة, خصوصًا عند استغلالها من قبل ضعاف النفوس الدنيئة, بالتحريض على أمنِ وسلامةِ الدولة والمجتمع, ولعلَّ أخطر هذه الجرائم هي جريمة التحريض العام الإلكترونيِّ, حيث أصبح الفرد شريكًا في العمل الصحفي غير الخاضع للضبط والرقابة, وذلك من خلالِ نشر المعلومات؛ فأصبح الفرد العاديِّ ناقلًا للأخبار ومحملًا لها على المواقع الإلكترونيَّة وعلى شبكات التواصُل الاجتماعيِّ, كما قد كسر احتكار الدولة لوسائل الإعلام والقيود التي تفرضها التشريعات عليها, والتي يسَّرت على الأفراد إمكانية تسويق قيم ونشر ثقافات منحرفة وأفكار مُتطرِّفة تُعد من قبيلِ التحريض العام على الجريمة، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر, وذلك بأسلوب زعزعة القناعات, وأسلوب الاستقطاب, أو الدعاية, أو من خلالِ خطاب مثير وجذَّاب, بهدف الإضرار بالأمن القوميِّ, أو سيادة الدولة, أو بالمجتمعات, أو إلى أحداث اضطرابات داخلية. وأفرزت ظاهرة الجرائم الإلكترونيَّة جملة من التحدِّيات والصعوبات الإجرائيَّة؛ نظرًا للطبيعة غير المادِّية للوسائل التي ترتكب من خلالِها, فهناك صعوبة في طبيعة الأدلَّة الإلكترونيَّة, كونها لا تترك أثرًا مادِّيًّا ملموسًا, وفي الضبط والتفتيش التقنيِّ لهذه الوسائل, كما أنَّها تُعدُّ جريمة عابرة للحدود, وقد ترتبط بأطراف خارجية، ممَّا يخلق صعوبة أيضًا من تتبع الأنشطة غير المشروعة. |