الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص ولد ابن الحاجب فى مصر ، وتنقل بينها وبين دمشق ، وكانت ولادته عام 570/571 ه) وهو العام الذى أحكم فيه السلطان صلاح الدين الأيوبى سيطرته على الديار المصرية بعد قضائه على الفتن التى أشعلها جماعة السودان والأعراب فى مدينتى أسوانَ وطَوْدٍ بزعامة رجل يدعى الكَنْز، وقد توجه صلاح الدين بعد ذلك إلى دمشق فانتزعها من أيدى الزنكيين، وبعدها صار سيد الموقف فى مصر والشام، ولذا فإن عام (570/571ه) وهو العام الذى وُلد فيه ابنُ الحاجب يُعَدُّ عامَ إقامة دولة الأيوبيين، فنشأ ابن الحاجب وترعرع وتكونت شخصيته فى ظل العصر الأيوبى، كما أنه أيضا تُوُفِّىَ قبل انهيار الدولة الأيوبية بعامين (ت 646 ه).( )و ابن الحاجب ينتمى إلى المذهب المالكى فى الفقه ، أما فى الأصول فهو ينتمى إلى مدرسة المتكلمين الأصولية ، وهى المدرسة التى يأخذ بقواعدها المذاهب الفقهية الثلاثة: المالكى والشافعى الحنبلى. وانتماؤه الأصولى هو الذى يعنينا فى بحثنا لتعلقه بقضايا الدلالة . ولمدرسة المتكلمين منهج خاص – فى تناول قضايا الأصول بصفة عامة ، وقضايا الدلالة بصفة خاصة – يختلف عن مدرسة الفقهاء (أو الأحناف). فطريقة المتكلمين ” كانت تهتم بتحرير المسائل و تقرير القواعد ووضع المقاييس مع الاستدلال العقلى ما أمكن ، مجرِّدةً للمسائل الأصولية عن الفروع الفقهية ، من غير نظر فى ذلك إلى مذهب بعينه. وقد دخل فى هذا الاتجاه جماعة كبيرة من المتكلمين ؛ إذ قد وجدوا فيه ما يتلاقى مع دراساتهم العقلية ، ونظرِهم إلى الحقائق المجردة ، وبحثوا فيها كما يبحثون فى علم الكلام ، لا يقلدون، ولكنْ يُحَصِّلون ويحققون ؛ ولذلك سميت هذه الطريقة طريقة المتكلمين”( ). وأما الطريقة الثانية وتسمى بطريقة الفقهاء أو الأحناف لكون الذين ساروا على هديها هم فقهاء الأحناف فقد ” سارت باتجاه التأثر بالفروع ، وبيان أن أصول الفقه هى لخدمة الفروع ، وإثبات سلامة الاجتهاد فيها، فهى تقرر القواعد الأصولية على مقتضى ما نقل من الفروع عن أئمتهم ، مدعين أنها هى القواعد التى لاحظها أولئك الأئمة عندما فرعوا ، فهى فى واقعها أصول تأخر وجودها واستخراجها عن استنباط الفروع”( ). ومن ثَّم ستكون حدود الدراسة قضايا الدلالة عند ابن الحاجب فى ضوء منهج المتكلمين من الأصوليين مع مقارنة ما توصل إليه بما توصل إليه اللغويون القدامى والمحدثون. |