الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص يتمحور هذا البحث حول مكانة العقل عند كل من الحارث ابن أسد المحاسبي وأبي حامد الغزالي ، وترجع أهمية ذلك ألي أنه، ربما، لأول مرة يدرس موضوع العقل ومكانته بل ومحوريته عند مفكرين عرف عنهما أنهما صوفيين في الأعم الأغلب ، والتصوف في منحاه العام، ربما يفهم منه مناقضته للعقل ، فكيف يمكننا حل هذه النقيضة؟ وفي بساطة هذا السؤال تكمن النتيجة فيما يخص أولا أهمية البحث وثانية إشكاليته. ويتلخص حل هذه النقيضة في أن العقل عند كل من المحاسبي والغزالي ملكة إنسانية لا يمكن غض الطرف عنها في أي تجربة إنسانية حتى ولو كانت التجربة الوجدانية الصوفية مع الحق سبحانه. لأن العقل يمثل معراجا للصعود إلى مرحلة التعقل الحقيقي وهو التعقل الوجداني القلبي انطلاقا من حث القرآن الكريم على أن التعقل الحقيقي هو تعقل القلب وليس العقل الذي يلتصق بالواقع المادي ويتغذى على معطيات الحس فيه ، بل هو ذلك العقل الخالص أو المتعالي الذي يمثل مرآة للحق وهو يؤكد عليه القرآن الكريم في كثير من الآيات. أما ثانيًا وهو ما يتعلق بإشكالية البحث التي تكمن في التساؤل الآتي : لماذا العقل ومكانته عند المحاسبي ومنه إلي الغزالي؟ وهذه إشكالية غابت عن الكثير من رواد البحث الفلسفي المقارن سواء في مجال أو دائرة الفلسفة الإسلامية والحديثة الغربية معا ، لأن العلاقة بين المحاسبي والغزالي تعبر عن إشكالية الصراع بين أقطاب الفكر الإسلامي في دوائر علم الكلام والفلسفة، وما يوازيها في دوائر الفلسفة الحديثة. وعليها قامت نهضة الفلسفة الإسلامية وتطورها في فكر الغزالي خاصية ، ولولا هجمات الفقهاء ودعاة الحرفية لأحدثت هذه الفلسفة نهضة واسعة في الفكر الإسلامي كما أحدثت فلسفة كانط في الفكر الغربي فتطور العقل الغربي التاريخي، وتأخر العقل عند الإسلاميين حتى أفل نوره وكاد أن يخبو حتى وصلنا إلى ما نحن فيه. |