Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المسئولية المدنية لمقدمى البرامج فى القنوات التليفزيونية الخاصة /
المؤلف
بيومى، المعتز بالله رضا.
هيئة الاعداد
باحث / المعتز بالله رضا بيومى
مشرف / السيد عيد نايل
مشرف / محمد نصر الدين منصور
مشرف / محمد محيى الدين إبراهيم سليم
الموضوع
القانون المدنى. المسئولية المدنية.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
634ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2021
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قانون مدنى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 544

from 544

المستخلص

لقد أثبتت السنوات القليلة الماضية أن من يملك الإعلام يملك كل شئ فما من شك فى أن وسائل الإعلام والإتصال تؤدى اليوم دورا بالغ الأثر فى تشكيل الآراء، وتوجيهها الوجهة المبتغاة من قبل القائمين على تلك الوسائل، فوسائل الإعلام تقوم فى الوقت الحاضر، بما كانت تنهض به فى ما مضى مؤسسات التنشئة الاجتماعية والثقافية والتربوية من أسر ومدارس وجمعيات أهلية ( مدنية ودينية ). واذا سلمنا بوجود أشكال متعددة لوسائل الإعلام، فإن الإعلام المرئى يظل هو الأكثر تأثيرا فى مجتمع يعانى نصفه تقريبا من الأمية.
واذا كانت تلك الثورة الحادثة فى مجالى الإعلام والإتصال، قد وفرت للبشرية المعاصرة من الموارد المعرفية والمعلوماتية ما لم يتوفر من قبل، ويسرت لها سبل التواصل مع العالم الخارجى، ورفعت معدل الثقافة العامة والسياسية، ورغم ذلك فإن هناك مضاعفات وظواهر سلبية عديدة تولدت عن هذه الثورة الإعلامية الجديدة، أهمها تشويه منظومة القيم الموروثة، وتزييف الوعى وقولبته، وتنمية قيم العنف والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.... الخ.
وتعتبر البرامج التليفزيونية بوجه عام، وفى مقدمتها برامج الحوار ” التوك شو ” العمود الفقرى للإنتاج التليفزيونى فى أغلب القنوات الفضائية، حيث أثبتت الدراسات أنها أضحت المصدر الأول للمعلومات وتكوين الآراء لقطاع عريض من الجمهور.
ولقد كان من نتائج التزايد السريع والتنوع الكبير فى القنوات الفضائية، مع عدم الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية، أن دخلت البرامج التليفزيوينة فى حالة من الفوضى والانفلات، سواء على المستوى المهنى أو الأخلاقي، فى ظل غياب تام لأى إطار أو ضابط تشريعى، و زاد من حدة هذا الإنفلات دخول عناصر من خارج الوسط الإعلامى للعمل فى تقديم البرامج التليفزيوينة، أصبحت مهنة تقديم البرامج بلا ضوابط مهنية، فرأينا مقدمى برامج من كل الفئات والمهن، كالممثلين، والراقصين، والمطربين، والرياضيين، والأطباء، والسياسين. ولذلك يرى الباحث أن أى محاولة لضبط ذلك الإنفلات، ينبغى أن تبدأ بوضع إطار تنظيمى لعمل مقدم البرامج، كونه يمثل القناة التليفزيونية التى تقدم البرنامج، ويسهم بدور أساسى فى تقديم الشكل والمضمون النهائى للبرنامج.
ولقد كان تناولنا لهذا الموضوع، بعد أن تبين لنا عدم وجود إطار تشريعى ينظم عمل مقدمى البرامج، وظل الأمر هكذا حتى تنبه المشرع اخيرا وأصدر قانون الإعلام الحالى. ورغم ذلك فقد ظل الموضوع يحتاج إلى الكثير من الدراسات، وهذا ما دعانا الى إعداد هذا البحث، فى محاولة للتوفيق بين حرية مقدم البرامج فى التعبير وحق الجمهور فى الإعلام من جهة، وبين مصلحة الأفراد فى عدم المساس بحقوقهم الشخصية من جهة أخرى.
وقد حاولنا فى تلك الدراسة لفت الإنتباه الى ظهور اشكال مختلفة من الأخطاء التى ترتب مسئولية مقدمى البرامج، كنتيجة مباشرة للثورة التى اجتاحت البث الفضائى، فى الأونة الاخيرة، فضلا عن اختلاف حجم التأثير الذى يترتب على نفس الخطأ اذا ما ارتكب بوسيلة مغايرة، كذلك فقد أشرنا ايضا الى عدم إقتصار الضرر الناتج عن الأخطاء المرتكبة بطريق البث على الضرر المعنوى فقط، بل إنه من خلال رصدنا لواقع تلك الاخطاء – كما هو الحال فى بعض أشكال التحريض – تبين أن الأضرار المادية التى تلحق بالأفراد والناتجة عن أخطاء مقدمى البرامج، تتعدى الاضرار المعنوية الى حد كبير.
كذلك فإن الخطأ بطريق الامتناع – كأساس للمسئولية التقصيرية – لم ينل حظه من الإهتمام فى نطاق الدراسات التى عالجت مسئولية الاعلاميين المدنية، نظرا لعدم تصور وجوده إلا فى حالتى الإمتناع عن نشر التصحيح، والإمتناع عن نشر الأحكام الصادرة فى القضايا التى تناولتها الصحف بالنشر، اما فى دراستنا هذه فقد وجدنا تطبيقات واسعة وأحكاما عديدة تتعلق بمسئولية مقدم البرامج التى تترتب عن خطئه بطريق الإمتناع.
وتهدف الدراسة إلى بيان الفرق بين الحقوق التى يتمتع بها مقدم البرامج، كحرية التعبير، والحق فى الإعلام، والحق فى النقد، وبين إساءة إستعمال تلك الحقوق، بالجور والتعدى على حقوق الأفراد سواء بالطعن فى الأعراض والشرف، أو بإهانة المسئوليين. وكذلك بيان الحدود بين ما يعتبر من قبيل الحياة العامة التى يمكن عرضها على الجمهور تحقيقا للمصلحة العامة، وما يعد إقتحاما لخصوصيات الأشخاص.
كما رأينا أن برامج الرأى تواجه اليوم نقدا شديدا، حيث يتهمها البعض بالتأثير فى سير العدالة عن طريق المحاكمات التليفزيونية والتشهير بالمتهمين قبل الحكم عليهم، مما يؤثر على مراكز هؤلاء المتهمين، لذا كان ضروريا أن نلقى الضوء على الحدود الفاصلة بين إطلاع الجمهور على حسن سير العدالة، وبين التأثير على القضاة، وعرقلة العدالة.
و تحاول الدراسة أيضا بيان مدى التزام مقدم البرامج بالحفاظ على سرية مصادره، فى ظل عدم الإعتراف بوجود هذا الإلتزام على عاتق مقدمى البرامج سواء من جهة المشرع أو الفقه.
كما تهدف الدراسة أيضا إلى مواجهة ذلك الإنفلات الأخلاقى الذى يتحمل مقدمو البرامج منه نصيبا لا بأس به، ببيان الفرق بين الحق فى التعبير وبين إنتهاك الآداب العامة وخدش حياء الأفراد.
كذلك فقد كان من الظواهر الواضحة فى الفترة الاخيرة تبنى أغلب برامج الحوار لخطاب الكراهية والتحريض، بشكل صريح وعلنى، لم يسبق أن شوهد بهذه القوة والتأثير، لذا فقد أوضحنا من خلال الدراسة الحدود ما بين ما يعد تعبيرا عن الرأى والأفكار، وبين ما يمثل تحريضا على العنف والكراهية والإنقسام والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
كذلك فقد سعت الدراسة إلى بيان الأساليب التى يستخدمها مقدمو البرامج فى تزييف الحقائق ونشر الشائعات، والآثار المدمرة التى تصيب المجتمعات نتيجة هذا التزييف والمسئولية القانونية التى تترتب على مرتكبى هذه الأفعال.
وقد رأى الباحث أن يسلك فى هذه الدراسة مسلكا مغايرا بالنسبة لعقد المقارنة فى خصوص المسئولية المدنية فى مجال الإعلام والتى انحصر جلها فى مسئولية الصحفى المدنية حيث لاحظ أن المتبع عادة فى أغلب- ان لم يكن كل - الدراسات السابقة أن المقارنة تتم بالتشريع الفرنسى دون غيره، لذا رأى الباحث أنه من الأثرى للدراسة أن تعقد المقارنة مع النظام الأنجلوأمريكى والذى يختلف فى فلسفته ونظرته الى الإعلام عن النظام التشريعى المصرى أو الفرنسى، مع عدم إغفال دول الاتحاد الأوروبى، فضلا عن أن نشاة البث الفضائى وميلاد ذلك الشكل من البرامج الحوارية كان فى الولايات المتحدة فى الأساس.
وسوف نلخص أسباب المشكلة فيما يلى :
1 – مدى تأثير ثورة تكنولوجيا المعلومات فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثورة الهائلة فى القنوات الفضائية وما تثيره المسئولية المدنية من مشكلات قانونية وارتباط المسئولية المدنية فى أغلب الأحيان بالمسئولية الجنائية.
2 – ظهور تجاوزات مختلفة – كما وكيفا - لم تنل كفايتها من البحث نظرا لعدم وجود مجال فى السابق لظهورها بتلك الكيفية، كانتهاك الخصوصية و الآداب العامة، وخطابات الكراهية، وتزييف الحقائق، وعرقلة العدالة.
3 - إكتساب حرية الرأى والتعبير مساحات أوسع وما نتج عن ذلك من صعوبة التوفيق بين حرية التعبير وحق الجمهور فى الإعلام من جهة، وحق الشخص فى عدم التعرض لحقوقه الشخصية من جهة اخرى.
4 – إيضاح حالات الإعفاء من المسئولية، ومدى حق مقدم البرامج فى التعبير والنقد البناء والكشف عن مواطن الفساد داخل المجتمع وداخل المؤسسات العامة، وضرورات المصلحة العامة.
5 – بيان أوجه الإختلاف بين التشريع المصرى وكل من التشريع فى الولايات المتحدة وأوروبا، فى معالجة المسئولية المدنية لمقدمى البرامج.
وقد توصلنا من خلال تلك الدراسة إلى عدة نتائج أهمها :
اولا : عدم كفاية المنظومة التشريعية الإعلامية الحالية للحد من الإنفلات الإعلامى الحاصل.
ثانيا : عدم وجود إطار تشريعى واضح يسمح بتداول حقيقى وفعلى للمعلومات.
رابعا : إتضح أن المشرع أولى فى قانون الإعلام الحق فى السمعة رعاية وإهتمام كاملين حيث ألزم بضرورة إحترام شرف وإعتبار الأفراد ومع ذلك، إلا أن هناك حالات رأى فيها تغليب مصلحة الجمهور فى المعرفة.
خامسا : بينت الدراسة إهتمام القانون بحماية خصوصية الأفراد، وأن الحق فى الصورة يتعاظم بالنظر إلى كون عنصر الصورة هو أهم ما يميز القنوات التليفزيوينة وبالتالى يكون حجم الإعتداء على الصورة أكبر، و أن هناك حالات يباح فيها لمقدم البرامج أن يتناول الحياة الخاصة للأفراد دون أن تثور مسئوليته المدنية، وهى رضاء صاحب الحق فى إذاعة الخصوصيات، وكذلك وجود مصلحة للجمهور فى الإطلاع على تلك الخصوصيات.
سادسا : أكدنا من خلال الدراسة على إلتزام مقدم البرامج الكامل باحترام قرينة البراءة، وذلك بأن يكون تناوله للقضايا المطروحة أمينا وموضوعيا، بحيث لا يكون ذلك التناول مؤثرا على موقف الخصوم فى الدعوى، كما اتضح ضعف الحماية القانونية لقرينة البراءة فى التشريع المصرى تجاه التعدى على قرينة البراءة لدى الشخص مقارنة بغيره من التشريعات - كالتشريع الفرنسى – والذى أوجد نصا صريحا فى تقنينه المدنى يحمى فيه قرينة البراءة باعتبارها أحد حقوق الشخصية.
سابعا : أثبتت الدراسة أن مقدم البرامج من بين الملتزمين بكتمان السر المهنى ويؤاخذ مدنيا إن هو أفشى سرا تحصل عليه أو تم إئتمانه عليه بسبب مهنته. فخلافا لكثير من الفقه ممن يرى أن مقدم البرامج ليس من بين المؤتمنين على الأسرار تأسيسا على أن رسالة مقدم البرامج هى إذاعة الأنباء وليس كتمانها، وأن صاحب السر لابد من ضرورة تلجئه إلى البوح بسره، إلا أننا دحضنا ما ساقوه من حجج وأثبتنا أن السر الذى يفضى به صاحبه إلى مقدم البرامج قد يتخطى خطره وضرورته الملجئة الحيز الضيق للفرد أو إلى المجتمع بأسره كمثال شبهات الإنحراف و الفساد فى المؤسسات العامة والخاصة، والتى قد يتردد من يكتشفها فى البوح بها اذا هو لم يطمئن إلى أن مقدم البرامج ملتزم بكتمانها بما يبرر خطورة إفضاء مقدم البرامج بذلك السر بالنسبة لصاحبه.
ثامنا : بينت الدراسة كذلك حرص المشرع على إلزام مقدم البرامج باحترام قيم المجتمع ونظمه وآدابه، حيث حظر كل ما يخدش الحياء العام فجاء النص على ذلك صريحا وواضحا فى أكثر من موضع فى قانون الإعلام، كما رصدنا من خلال بعض الحالات القضائية مدى الحزم الذى تعامل به القضاء مع نماذج من إنحراف بعض مقدمى البرامج الذى يخدش الآداب والحياء العام للمواطنين.
و لاحظنا مدى التباين بين التشريعات التى تحمى الأخلاق فى المجتمع داخل الأنظمة التشريعية المختلفة والناتج عن الإختلاف بين تلك الأنظمة الإجتماعية فى تحديد مفهوم الآداب العامة نفسه.
كما تبين لنا من خلال الدراسة – وهو ماجعلنا نفرد له مطلبا مستقلا – الاختلاف الجذرى بين المدى الذى يمكن أن تصل اليه القناة التليفزيونية من حيث إنتهاك الآداب العامة ومدى تأثير أى وسيلة إعلامية أخرى، أضف إلى ذلك أن عنصر الصورة قد أتاح إمكانية حدوث إنتهاك أو خدش حياء المواطنين بوسائل لم تكن متصورة قبل ذلك وهى الفعل الفاضح، حيث رصدت الدراسة حالات قضائية اٌدين فيها مقدموا برامج خدشوا الحياء العام وحرضوا على الرذيلة بطريق الفعل.
تاسعا : كان من بين الإلتزامات التى ناقشتها تلك الدراسة – ولأول مرة فى مجال المسئولية المدنية لرجال الإعلام – إلتزام مقدم البرامج بعدم تهديد السلم الإجتماعى، والمتمثل فى امتناع مقدم البرامج عن خطابات الكراهية، وامتناعه عن إمتهان الأديان، ولاحظنا إهتمام المشرع الملحوظ بذلك الأمر بالنص على ذلك الإلتزام بشكل صريح فى قانون الإعلام، حيث حظر إذاعة أية أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ما ينطوى على التمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو إلى التعصب.
كما بينا من خلال الدراسة أن هناك اختلافا بين التشريع المصرى والتشريع الأنجلوامريكى، ففى التشريع المصرى يؤاخذ مقدم البرامج مدنيا بمجرد صدور الخطاب التحريضى عنه بغض النظر عما يترتب على ذلك، اما فى التشريع الامريكى فإن خطاب الكراهية ليس محظورا فى ذاته الا اذا كان الخطاب مصحوبا بالنية والقصد على التحريض، كأن يكون موجها لجماعة ما لارتكاب جريمة معينة، أو أن يكون مقرونا باحتمالية وقوع أعمال عنف وشيكة، اى أن يمضى وقت قصير بين الدعوة والعنف الناتج عنها.
عاشرا : ناقشنا إلتزاما هاما لم ينل كفايته من البحث قبل ذلك، وهو إلتزام مقدم البرامج بالحقيقة، وبالرغم من خطورة ما يترتب على تزييف الحقائق وتضليل الرأى بالنسبة للأفراد والمجتمع، فإننا لم نلحظ إهتماما بهذا الموضوع فى مجال مسئولية الإعلاميين المدنية.
حادى عشر : أثبتنا من خلال الدراسة انعقاد مسئولية القناة التليفزيونية عن الضرر الذى يلحقه مقدم البرامج بالغير، وبينا الشروط اللازمة لقيام تلك المسئولية سواء التقصيرية وفقا لقواعد مسئولية المتبوع المفترضة، أو العقدية إستنادا لقواعد المسئولية العقدية عن فعل الغير، وهى حالة ارتباط القناة التليفزيوينة بعلاقة تعاقدية مع المضرور.
ثانى عشر : أثبتنا أخيرا أن الأضرار التى يسببها مقدمو البرامج تبلغ من التأثيرا حدا لا يمكن لأى مبلغ مهما ارتفع من التعويض المادى أن يعوضه لذلك فإن الوسيلة الأنجع فى ذلك هى حق الرد والتصحيح، كمحاولة لإعادة التوازن وجبر الضرر أو تخفيف وطأته