Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المعالجات الجرافيكية للرؤية الأدبية لدي جونتر جراس /
المؤلف
أسماعيل، الاء محمد ابراهيم احمد.
هيئة الاعداد
باحث / الاء محمد ابراهيم
باحث / الاء محمد ابراهيم
مشرف / أحمد محمد إسماع?ل نوار
مشرف / محسن عبد الفتاح ع?م
مشرف / محمود فر-د محمود أحمد
الموضوع
الجرافيت.
تاريخ النشر
2021.
عدد الصفحات
326 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
العلوم الاجتماعية (متفرقات)
الناشر
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة حلوان - كلية الفنون الجميلة - الجرافيك
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 321

from 321

المستخلص

(( تدور أغلب تعريفات الأدب على أنه إحدى العلوم الإجتماعية التي تهتم بدراسة نشاط الأفراد بوصفهم أعضاء في جماعة، ويمكن القول أنها تختلف في زاوية إهتمامها ووجهة نظر الباحث في كل منها، ففي علم السياسة مثلًا، يُنظر إلى الفرد وكأنه عضوًا في الدولة ولكن في علم الإجتماع، هناك إهتمام بالعلاقات الاجتماعية والإنسانية .. ومع هذا نوصف تعريف علم الإجتماع أنه ذلك العلم الذي يدرس جوانب من علاقات الإنسان الاجتماعية .. وهل الإنسان هو ذلك الكائن الاجتماعي الذي يجتمع مع أخيه الإنسان، ويتعاون معه فكرًا وقلبًا لبناء حياة إجتماعية إنسانية فاضلة. فإذا أخذنا التعريف التقليدي للعلم بوصفه مجموعة معارف الإنسان عن الطبيعة والمجتمع والتفكير، وجمعًا منظمًا ومثبتًا بالبراهين العملية والأدلة لمختلف الأبحاث المادية التي تدرس ميادين مُحددة من هذا العالم، فإننا نجده بهذا التعريف قريبًا إلى حدٍ ما من تصنيف الفن الذي يُعد شكلًا من أشكال انعكاس الواقع المادي في وعي الإنسان، الذي يستمد مادته من العالم المحيط، وهل الأدب ما هو إلا صورة واضحة شاملة عن الحياة الإنسانية، أما الأديب أو بالأحرى مبدع النص الأدبي، فإنه يهتم بكل ما ذكرنا من علوم إنسانية وعلوم إجتماعية لأن الأدب صورة عن الحياة الإنسانية وهذه الحياة تتفاعل وتتأثر بعدة عوامل، فالأدب فكر وعاطفة، ونزعات وميول، وخواطر وأحاسيس، ودم وقلب، وضوء وعين، والأدب تجسيد للحياة الإنسانية في كل مراحلها ومضامينها ومن الظاهر والأحداث التي تعصف بالمجتمع والطبيعة، ويعكسها عبر أساليب وقنوات إبداعية خاصة إذًا هنا، يلتقى العلم بالفن من ناحية صيرورتهما التي يستمدانها من منبعين مشتركين هما: الطبيعة والمجتمع فللعلم فروعه المتعددة وكذلك الفن، وكل منهما يؤدي وظيفة تتلاءم مع تعدد وظائف النشاط البشري، على الرغم من تباينهما في طريقة عكس الظواهر وحين يبرز العلم الظاهرة على شكل مفاهيم وقوانين محددة، يجسدها الفن بشكل حسي ملموس، كنموذج فني تتجلى فيه ميزات فردية خالصة.))(1)
ويعتبر الفنان أشد الناس حبًا للإنسان وإهتمامًا به، ولقد ظهر في عصرنا فنانون كثيرون يعبرون بأعمالهم عن مدى حبهم للإنسان (إنسان القرن العشرين الميلادي)، وفاضت أعمالهم إيمانًا به، وتناولت فنونهم كل ما في حياة الإنسان المعاصر من خير وشر، ومن سعادة وشقاء، ومن هنا تبرز لنا حقيقة واضحة تتركز في أنه ليس مجرد وجود الفنان في عصر معين دليلًا على توافر إمكانيات التعبير لهذا العصر أو تمثيله وتجسيده فنيًا.. إذ أنه لابد لكي يستطيع الفنان أن يعبر عن روح عصره حقًا، أن يعيش بكل ما فيه من أبعادٍ ممكنة، ومن تجارب وخبرات هي في حقيقتها الخيوط التي تنسج ملامح هذا العصر وتشكل طابعه المميز.. إذ لابد أن يسعى الفنان سعيًا إيجابيًا لإدراك طبيعة العالم الذي يدور حوله وكما قال الفنان الأسباني ”بابلو بيكاسو Pablo Picasso” (1881م.:1973م.) ”إن الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية”.
(( إن تراثنا الفكري الراهن يفرق بين الأدب والفنون البصرية والسمعية بالرغم أن الأدب إحدى فروع الفنون الاساسية حيث تقوم التفرقة على أساس أن الأدب مادته المعاني وأن الفن مادته الصور، سمعية كانت هذه الصور أم بصرية، وهي تفرقة في رأي الأديب المصري ”توفيق الحكيم” (1898م.:1987م.) ، فالأدب إنما يقوم بالصور بقدر ما يقوم بالمعاني، بل إن الصورة في العمل الأدبي هي التي تسويه أدبًا حي وأن الأدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة في الإنسان والأمة والحامل الناقل لمفاتيح الوعي في شخصية اﻷمة واﻹنسان .. تلك الشخصية التي تتصل فيها حلقات الماضي والحاضر والمستقبل والفن هو المطية الحية القوية التي تحمل الأدب خلال الزمان والمكان ويقول الأديب المصرى ”توفيق الحكيم”: ”لقد رأيت دائمًا الأدب مع الفن والفن مع الأدب”.))(1)
(( والفارق بين بحث فلسفي وعمل أدبي ليس فارقًا بين نوعين من المعاني، لأن المعاني الإنسانية كلها سواء، ولكنه فارق في منهج بذل هذه المعاني وسبيل الإفضاء بها، فالمعنى الجامد في الأدب، المبذول في شبه موعظة أو حكمة متحجرة أو سرد تحليلي ليس معنى أدبيًا، ذلك لأن المعنى الأدبي معنى مُصَور أساسًا ومعنى معروض عرضًا حسيًا، فالمعنى في الشعر ميت ما لم تبعثه صورة والفكرة في القصة جامدة ما لم يوقظها حدث، وأبلغ الأدب ما رُفعت معانيه وأفكاره بالحركة وضاءت بالعلاقات الحسية وهذا هو أساس البلاغة في الشعر والقصة والرواية على السواء، وهذا من ناحية الأدب أما الفن فليس قاصرًا على الصور المجردة الخالية من المعاني والدلالات بل لا فن بغير دلالة فالفن ليس صورًا ثابتة في إطار أو متحركة فوق شاشة بيضاء أو مائلة في كتلة أو منغومة في علاقة صوتية وزمنية، بل هو معاني مصورة ودلالات ذهنية مُشكلة تشكيلًا حسيًا حتى الموسيقى أشد الفنون تجريدًا.
حقًا قد تَعبر بالفن مرحلة من المراحل يغلب فيها طابع التعبير الحسي بغير دلالة وطابع التشكيل بغير مضمون كما تَمَّثل ذلك في المدرسة الإنطباعية أواخر القرن التاسع عشر الميلادي والمدرسة التكعيبية بعد ذلك فالمدرسة الأولى موغلة في حسيتها دون احتفال بالدلالات الفكرية والمدرسة الثانية موغلة كذلك في تجريديتها دون إحتفال بمضمون على أن ذلك في الحقيقة مظهر عابر موقوت فمهما تخلي الفنان عن الدلالة فالدلالة تلاحقه وتدمغ عمله، أراد ذلك أم لم يرد.
فإن الأدب والفن سواءًا بسواء يعبران عن المعاني والدلالات تعبيرًا مصورًا وهما بهذا عملية إبداعية واحدة يستوي في هذا الشعر والقصة والرسم والتمثيلية الإذاعية والتمثيلية المسرحية والسيناريو والتمثال والرقص وغير ذلك من مختلف التعابير الفنية والأدبية جميعًا، ودلالة الأدب إنما تقوم في القضية التي يطرحها ويلتزمها، وعلى هذا فقيمة الفن من داخله، أما قيمة الأدب فمن خارجه.‏
والحق أن الفن والأدب سواء بسواء بناءٍ مُتراكب، متآلف العناصر، مُتكاتل الأنحاء والزوايا، يعلو ويسمو من حيث المرتبة الفنية بمقدار ما تَنبض أو تجف فيه هذه السمات، والأدب والفن كذلك تعبيران عن حياتنا الإجتماعية يستمدان الدلالة منها ومن مواقف الأديب والفنان من أحداثها وقيمها.‏
وكما يقال أن الأدب والفن كلاهما يقوم على التجربة الوجدانية، فالأدب أقرب إلى العقل والمنطق من الفن، ويرجع هذا إلى الكلمة التي يستخدمها الأديب للتوضيح فكلمة الأديب كلمة مطروقة استنفدها الاستعمال وجُمدت دلالتها. على حين أن اللون والصوت والكتلة مثلًا أدوات فنية لا تزول حساسيتها ونضارتها أبدًا.))(1)
إن التاريخ يؤكد على علاقة العلم بالفن إذ تبدو وكأنها علاقة بين العلم والأدب كون الأدب أكثر الفنون شيوعًا، وأسرعها تأثرًا بالواقع الاجتماعي وأغناها في ما يتعلق بتعدد مواده التعبيرية التي تشحن أحاسيس الناس من أجل توصيل رسالته الإنسانية والعلم من هذه الزاوية أيضًا، يخدم حاجات الناس العملية، ويمدهم بمعرفة القوانين الموضوعية، ويزيد من تفاعلهم مع الطبيعة والاستفادة من مكنوناتها .. إذًا أن هدف الفن والعلم بهذه الصيغة واحد، وهو تطوير مدارك الإنسان، ورفع مستواه الثقافي والاجتماعي، وبالتالي تغيير العالم، وهكذا تُعبر فنية الأدب عن إدراك حسي إنفعالي خيالي، بينما يُفصح العلم عن إدراكٍ عقلي ملموس .. فإن تسليط الضوء على هذه العلاقة من هذا الجانب تعيدنا إلى العصور التاريخية التي ظهرت فيها الفلسفة كأقدم علم عرفته البشرية، ولا سيما بداية العصر الإغريقي، حيث السؤال التاريخي الكبير الذي جلبته الفلسفة: هل يمكن معرفة العالم؟ ... وكان الجدل حول علاقة الفن بالعلم يتجلى في فهم جوهر المعرفة، وطبيعتها وارتباطها، ومقدار قوة الأواصر التي تربط المعرفة بالفن في الوقت نفسه. (2)
(( على أن العلاقة بين الأدب والفن لا تقتصر على الزمالة بين الكاتب والرسام في رسم الكتاب، أو في إبداع خلفية لمشهد مسرحي بل قد تصل إلى مستوى أشد وثوقًا، فقد قام الشاعر الفرنسي ” آرثر رامبو Arthur Rimbaud” (1854م.:1891م.) بتفسير حروف اللغة تفسيرًا لونيًا في قصيدته المشهورة ”أوفيليا ”Aufilia، كما قام الفنان ورجل الأعمال الأمريكي ”والت ديزني Walter Elias Disney”(1901م.: 1966م.) ففسر الموسيقى تفسيرًا لونيًا في عدة أفلام مثل فيلم ”فانتازيا Fantasia ” عام 1940م.، وهكذا تتداخل الأدوات والدلالات أحيانًا، فالكلمة تصبح لونًا واللون يصبح صوتًا وفي الشعر قد يقوم مذهب فني كامل هو الرمزية يسعى إلى الإبانة والدلالة لا بالمعنى المُعجمي للكلمة وحدها بل بالإيحاء الصوتي لها، فتصبح الدلالة الصوتية سبيلاً لتحديد المعنى في السياق اللغوي.))(1)
(( إن ظواهر التداخل والتزامل بين فن الأدب وبقية الفنون، بعضها مظاهر عابرة جزئية وبعضها على جانب كبير من الافتعال والتعسف وبعضها أصيل، إلا أنها جميعًا تؤكد وثاقة الرابطة بين الأدب والفن، فالسريالية”Surrealism” أو الدادائية ”Dada ” أو التكعيبية أو الرمزية” Symbolism” أو المستقبلية Futurism ”” أو الواقعية الاشتراكية” Socialist Realism” اتجاهات ومدارس مختلفة نجدها في الأدب كما نجدها في الفن بذات الدلالة.))(1)
يضم الأدب الالماني آثارًا أدبيةً من ”ألمانيا” و”النمسا” و”سويسرا” أما اللغة التي كُتِبَ بها أغلب الأدب الألماني فهي الألمانية العليا، لغة جنوب ووسط ”ألمانيا” ويمكن تقسيم الأدب الألماني إلى أربع فترات رئيسة، بناءً على تَغيُّراتٍ حدثتْ في اللغة الألمانية العليا القديمة والألمانية العليا الوسيطة والألمانية العليا الجديدة الأولى والألمانية العليا الجديدة وقد كان أول ازدهار للأدب الألماني في عهد الألمانية العليا الوسيطة في القرن الثاني عشر الميلادي، كما كان لها عهد ذهبي آخر في القرن التاسع عشر الميلادي في عهد واحدًا من أهم كتٌابها ”جوته Johann Goethe” (1749م.: 1832م.).
ويتميز الأدب الألماني ببعده عن المركزية، ويحرص الأدباء والشعراء على تأكيد فرديتهم ونفورهم من القواعد الأكاديمية المفروضة، وسعيهم إلى تصوير علاقة الإنسان بخالقه وبالطبيعة التي تحيط به، وبظمئهم إلى المعرفة كما تَجسّد في قصة ” فاوست” Faustus التي قرأها الناس كتابًا شعبيًا في عام 1587م. ثم صاغ منها ”جوته” مسرحيته الشهيرة ”فاوست ” Faustus ، وتناولها الأديب الألماني ”توماس مانThomas Mann ” (1875م.:1955م.) في رواية ” دكتور فاوستوس”. (1)

ألَّفَت القبائل الألمانية التي نزحت إلى ”أوروبا” الغربية قصائدها الوطنية وقصصها عن أوثانها وأبطالها ونقلتها شفهيًا من جيلٍ إلى آخر..... وبعد توقف الهجرة تولَّت الأدْيرة والكُهَّان عملية التأليف والتعليم غير أنه لم يبق من هذه الأعمال سوى القليل مثل العمل الشعري الملحمي ”هيلياند” ” Heliand” أي ”المُخلص” الذي لم يُعْرَفْ مؤلفه. (2)
كان الشعر الملحمي أكبر إسهام للأدب الألماني العالي الوسيط في هذه الفترة وتجول شعراء ”المينيسينجرMinnesanger ” أو الشاعر المتجول الألماني الذين كانوا يشبهون شعراء” التروبادور” الفرنسيين  يغنون قصائد في الموضوعات نفسها ثم قام مؤلفون مجهولون بتسجيل حكايات ألمانية قديمة مثل أغنية ”عائلة النيبلونج” و”جودرين” اللتين تمجدان الشجاعة والولاء الألمانيين وقد تأثرت ملاحم البلاط بالأدب الفرنسي لأنها قلَّدت حكايات الملك ”آرثر” وفرسان المائدة المستديرة الإنجليزية التي انتقلت إلى ”ألمانيا” عن طريق ”فرنسا” ثم أن الأدب خلال تلك الفترة قد تأثر بالأدب العربي والإسلامي عن طريق الحملات الصليبية.(1)