الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تعد كتابات الرحالة الأوروبيين عن الشام ومصر مصدراً هامًا من مصادر الكتابة التاريخية المُؤرِّخة للعصور الوسطى؛ فالناظر المدقق فى المصادر التاريخية التى أرَّخت لهذه الحقبة التاريخية يلحظ تزايد أعداد رحلات الأجانب إلى مصر فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين؛ فقد حرص الرحالة أو الحجاج الأجانب على القيام برحلات الحج المسيحى إلى الأراضى المقدسة، وقد كانت هذه الزيارات الدينية إلى المشرق كرد فعل طبيعى لتعاظم الظاهرة الدينية بمرحلة العصور الوسطى فى الغرب والشرق على حد سواء، وقد ألقى هذا بظلاله على طبيعة العصور الوسطى؛ مما دفع كثير من المؤرخين إلى تسمية العصور الوسطى بـ ”عصور الإيمان”، ويظهر ذلك بوضوح من خلال كتابات الرحالة الأوروبيين، ولاسيما أولئك الذين زاروا الأماكن المقدسة فى فلسطين ومصر والناظر المدقق يجد أن ”الحج إلى الأماكن المقدسة” كان السبب الذى دفع كثير من الرحالة الأوروبيين إلى زيارة بلاد الشرق، بيد أنه كان السبب الظاهرى المعلن لهذه الزيارات؛ ففى الحقيقة هناك سبب جوهرى خفى يكمن فى الرغبة الجامحة لدى الرحالة الأوروبيين فى عودة الغرب الأوربى للأراضى المقدسة، فإذا كانت نيران الحروب الصليبية المتقطعة قد خمدت بنهاية القرن الثالث عشر الميلادى، فإن بعض بقايا نيران هذه الحروب كانت لاتزال باقية مشتعلة تحت الرماد. واستمرت رحلات الحج للأراضى المقدسة، وكان شرطاً على الحجاج قبل الشروع فى رحلة الحج الحصول على الإذن البابوى من أجل السفر؛ فقد كانت البابوية توصى بعض الحجاج باستشعار مواطن الضعف والقوة فى بلاد المماليك، وتدوين كل ما يخصُّ الطرق والمسالك المؤدية إلى تلك البلاد، وينجلى ذلك من خلال كتابات بعض الرحالة الحجاج التى لم تتسم بالسذاجة أو نفس أسلوب كتابات الآخرين؛ فنجد كتاباتهم تسلط الضوء على: الاستحكامات، والتحصينات الحربية، والطرق المختلفة، وأسهل الطرق للدخول إلى مصر... وغيرها؛ فقد أوصى بعض الرحالة مثل بيلوتى فى خطاباته للبابا أيوجين الرابع (1430/1447 م) Augen IV أن الإسكندرية مفتاح مصر، وأفضل طريقة للاستيلاء على مصر يتمثل فى الاستيلاء على الإسكندرية، وأن أفضل الأوقات لتحقيق ذلك يكمن فى وقت الفيضان حيث يستطيع قيادة حملة من البحر المتوسط عبر الإسكندرية وصولاً إلى القاهرة. |