الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص زهيرُ بن أبي سُلمى أحدُ الشعراءِ الكبارِ, الذين أسَّسُوا مدرسةَ الصنعةِ الجاهليةِ الأولى، والتي أرسى دعائمها أوسُ بن حجر وبَشَامة بن الغدير، وأعْلَى من بنيانها وتقاليدها الفنيةِ زهيرُ بن أبي سُلمى وكُثَيِّر عزّة, وهما العلمان الشامخان فى مدرسة الصنعة. ويتَّصفُ شعرُ زهيرٍ بصفةٍ عامة, وهي الوصف الماديّ الدقيق، والاهتمام بالجزئيات والتفاصيل، ومن هنا تأتي دراستي لهذا الشاعر الفذِّ, آملًا كشفَ مستوياتِ البناءِ الشعريِّ عنده. عُدَّ زهير بن أبي سلمى صاحب مدرسة في نظم الشعر، تعتمد -كما قال الدارسون- على الأناة والروية، وتقاوم الطبع في النظم، لذلك كثرت عنده الصور الشعرية من تشبيهية واستعارية وكنائية، ومما ميزه في هذا المجال كان يقصد قصدًا إلى تحقيق صوره الشعرية، ومعانيها، فإذا نظرنا في صوره التشبيهية مثلاً، فقد كان يستفيض في تصويره من كل الجوانب، فلا يترك جانبًا إلا وضحه، ولهذا كانت تشبيهاته وصوره الأخرى متولدة بعضها من بعضها، فإذا ذكر الناقة مثلًا، جعلها كأنها متجسدة أمام المتلقي، حتى كأنها تتحرك في مشهد تلفازي، وهكذا بقية صوره، وكذلك معانيه الشعرية الأخرى. إن القاريء لشعر زهير يستطيع وصفه بأنه شاعر السلام، وداعية إلى ألفة قومه ووحدتهم، فإذا كان جل شعراء عصره قد شاع عندهم القيم القبلية، والدعوة إلى حب الذات وإيثارها على غيرها إلى درجة الأنانية، فإن شاعرنا قد نهج غير ذلك تماما، فهو إلى جانب كونه شاعر الحكمة، مثل دور المصلح والناصح. |