الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إن المجتهدين من أئمة المسلمين بذلوا أقصى جهودهم العقلية في استمداد الْحكام الشرعية من مصادرها، واستخرجوا من النصوص الشرعية وروحها ومعقولها كنوزاً تشريعية ثمينة كفلت مصالح المسلمين على اختلاف أجناسهم وأقطارهم ونظمهم ومعاملاتهم، ولم تضق بحاجة من حاجاتهم، بل كان فيها تشريع لْقضيه لم تحدث، ووقائع لم تنزل وهذه موسوعات الفقه آيات تنطق بما بذلوه من جهد وما كان حليفهم من توفيق ، ولم يكتفوا بما استمدوه من أحكام، وما سنوه من قوانين، بل عنوا بوضع قواعد ، للإستمداد ، وقوانين للإستنباط وكونوا مجموعة عظيمة من قواعد اصول الفقه ، ومما قعده لنا رعلينا الابرار ”قاعدة سد الذرائع” والتي كانت بمثابة السور الذي يصعب تسوره ، وما هذا الا حياطة للشريعة ، وحرصاً منهم رحمهم الله على ان لا تنتهك محارم الله ، بل لا يقترب منها مجرد الاقتراب وذلك إنطلاقاً من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ) إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه( .وقد أجمع العلماء على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وأنه أحد الْحاديث التي عليها مدار الإسلام، وسبب عظم موقعه أنه صلى الله عليه وسلم نبه فيه على ترك الشبهات ، والبعد عن مواضع الاختلاف والشك ، فكان هذا الحديث واضرابه من النصوص ؛ سببا لحماية الدين ودافعا قوياً لْخذ السادة المالكية ومن تبعهم بمبدأ الاحتياط والابتعاد عن الشبهات وسد الذرائع؛ وذلك حياطة للشريعة ومرضاة لربها ، قال ابن القيم في كتابه اعلام الموقعين. ان في سد الذرائع حماية لمقاصد الشريعة، وتوثيقاً للأصل العام الذي قامت عليه من جلب المصالح ودرء المفاس ذلك لْن الْمر المباح قد يؤدي الْخذ به إلى تفويت مقصد الشارع، والمحافظةُ على مقصود الشارع أمرٌ مطلوبٌ لكونه أعظم مصلحة. |