الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص هذه الرسالة عبارة عن دراسة وتحقيق لكتاب (( مرقاة الوصول إلى علم الأصول )) للشيخ الإمام محمد بن فرامرز بن على المعروف بملاخسرو المتوفى سنة 885 هـ ، وقد صنف الشيخ هذا الكتاب على طريقة الفقهاء الحنفية ، وتحتوى هذه الرسالة على قسمين : قسم في دراسة الكتاب ، وقسم في تحقيقه . أما القسم الدراسي فيشتمل على مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة فصول ، تحدثت في المقدمة عن أهمية علم أصول الفقه ، والأسباب التي دعتني إلى اختيار هذا الموضوع ، وأهميته ، وخطة البحث . وفي التمهيد عن أول من دون أصول الفقه ، وطرق تأليفه ، وتحدثت في الفصل الأول عن الحالة السياسية والعلمية لعصر المؤلف ، وتحدثت في الفصل الثاني عن التعريف بالمؤلف ، وتحدثت فى الفصل الثالث عن التعريف بالكتاب ووصف نسخه ومنهجى فى التحقيق . أما القسم الثانى : التحقيق ، وقد حرصت فيه على أن أخرج الكتاب فى أقرب صورة وضعها مؤلفه ، مع الإلتزام بقواعد المنهج العلمى فى التحقيق ، وختمت الكتاب بالفهارس العلمية . وقد استطاع الباحث – بفضل الله عز وجل – أن يستخلص النتائج التالية : أن دراسة علم أصول الفقه وتدوينه بعد الشافعى – رحمه الله – قد اتجهت إتجاهات مختلفة ، وأخذت أشكالاً متباينة ، وطرقاً متنوعة فى التصنيف والتأليف . أن الحالة السياسية بشقيها عند المماليك والعثمانيين والتى كانت سائدة فى القرن التاسع الذي عاش فيه الشيخ الإمام (( ملاخسرو )) كانت مليئة بالحروب ، والنزاعات ، والصراعات ، والفتن . أن الحالة العلمية بشقيها عند المماليك والعثمانيين فى عهد الشيخ الإمام (( ملاخسرو )) كانت ذات شأنٍ عظيم ، وذلك بسبب الجهود المبذولة من قبل السلاطين والتي كان لها أكبر الأثر فى ازدهار الحركة العلمية . أن الصيغة النهائية فى اسم العلامة (( ملاخسرو )) أنه : محمد بن فرامرز بن على محى الدين الرومى المعروف بـ (( ملا أو منلا أو المولى خسرو )) . أن لقب (( ملا )) يطلق على العالم الكبير . أن النطق الصحيح لـ (( ملا )) هو ( مولوى ) كما أفاده الزبيدى فى تاج العروس . أن المصادر التى ترجمت للعلامة (( ملاخسرو )) لم تذكر سنة ميلاده ، لكن الوقائع والأمارات – التى سبق ذكرها فى البحث – تخبرنا أن ولادته كانت فى مطلع القرن التاسع . لم تذكر المصادر التى ترجمت للعلامة (( ملا خسرو )) غير شيخ واحد تعلم على يديه ، ونهل من علمه ، وأخذ عنه ، هو مفتى البلاد الرومية آنذاك وهو الشيخ المولى (( برهان الدين حيدر الهروى )) ولكن لا يبعد أن يكون الشيخ (( ملاخسرو )) قد أفاد من علماء آخرين ، لاسيما وأنه قد عاصر شيخه علماء كثيرون قد ذكرهم صاحب (( الشقائق النعمانية )) فى الطبقة الخامسة . أن العلامة (( ملاخسرو )) قد قام بأعمال خيرية منها بناء المساجد وبناء مدرسة لتعليم الطلاب العلوم النافعة . حظى الشيخ الإمام (( ملاخسرو )) بمكانة علمية أهلته لأن يكون موضع افتخار السلطان محمد الفاتح إذ كان يقول فى شأنه (( أنظروا هذا أبو حنيفة زمانه )) . أنه نظراً لكفاءة الشيخ الإمام (( ملاخسرو )) فقد أسندت إليه مهمة التدريس ، والقضاء ، والفتوى . صنف الشيخ الإمام (( ملاخسرو )) فى أكثر من فرع من فروع المعرفة الإسلامية ، ولقيت مصنفاته قبولاً ورواجاً عند العلماء ، فكثرت الشروح والحواشى عليها . إجتمعت فى العلامة (( ملاخسرو )) جملة من الأخلاق الحميدة والصفات النبيلة . من خلال قراءة نسخ المخطوط تبين بجلاء وجود خلل عند النساخ فى موضع الهمزات ، فقد لوحظ على النسختين ( أ – ب ) سقوط همزة القط فى كثير من الأحيان ، فلم ثبت الهمزة إلا نادراً ، كما لوحظ فى نسخة ( ج ) أن الهمزات وضعت بطريقة عشوائيه ، فالهمزة التى حقها أن تكون تحت الألف تكتب فوق الألف مثل : ( الأتلاف ، الأكراه ، الأعتاق ) فحق هذه الهمزة أن تكون تحت الألف لأنها مصادر لأفعال رباعية تكون مكسورة الهمزة ، كما تنفرد النسخة ( ج ) أحياناً بوضع همزة قطع مكان همزة وصل ، وهذا مخالف لقواعد اللغة بطبيعة الحال ، فمثلاً : نجد كلمة ( اقتضاء ) وهى مصدر لفعل خماسى وهمزته همزة وصل كما هو معروف نجدها مكتوبة فى النسخة ( ج ) هكذا : ( أقتضاء ) بثبوت همزة قطع فوق الألف ، وغير ذلك كثير . أن على الرغم من رجوع المصنف إلى كثير من المصادر – كما رأينا – إلا أنه يأتى فى مقدمة هذه المصادر – بعد أصول البزدوى – كتابا التنقيح والتوضيح لصدر الشريعة ، فقد تأثر المصنف بصدر الشريعة تأثراً واضحاً ظهر ذلك فى كثرة النقل عنه فى ثنايا هذه الرسالة ، حتى أنه فى كثير من المواضع كان ينقل نقلاً حرفياً وهذا ظاهر بوضوح فى ثنايا الرسالة . اتفقت المصادر على أن وفاة العلامة (( ملاخسرو )) كانت سنة 885 هـ بالقسطنطينية ، ثم نقل إلى ( بروسا ) فدفن بمدرسته . هذا الكتاب يعتبر مأثرة من مآثر المؤلف ، وثروة علمية ، ومفخرة أصولية ، وحصيلة جهد فكرى أصيل يسهم فى إثراء الفكر الإسلامي والمكتبة الأصولية بوجه خاص .وأخيراً فلا أدعى بهذا العمل الكمال ، فالكمال لله وحده ، والنقص سمة البشر ، ولهذا فما كان فى هذا العمل من صواب فمن الله وحده ، وما كان من خطأ أو نسيان فمنى ومن الشيطان ، وأستغفر الله تعالى من هذا الخطأ وأستسمحه من التقصير والزلل . |