الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تبرهن وقائع حياة ”الحلاج والتوحيدى والسهروردى” وكتاباتهم ومؤلفاتهم الشعرية والأدبية والصوفية والفلسفية بما لا يدع مجالاً للشك على أنهم قد عانوا تجربة الاغتراب فى أعمق صورها وأنهم قد عبروا عنها فى مؤلفاتهم بصدق مما يجعلها ترجمة حية لأفكارهم وأحوالهم ومواجيدهم. ولقد عانى كل واحد منهم وبعمق الدلالات الوجودية لمفهوم الاغتراب الفلسفى فكل منهم عاش الاغتراب فى صوره الاجتماعية والنفسية والفكرية والسياسية والوجودية وكل منهم تظهر معاناته واضحة جلية من خلال مؤلفاته كأشعار الحلاج وكتبه كالطواسين وإشارات التوحيدى الإلهية وغربة السهروردى الغربية وغيرها من رسائله الصوفية ومؤلفاته الفلسفية. إن الاغتراب بالمعنى الإسلامى كان اغتراباً عن الحياة الاجتماعية الزائفة واغتراباً عن النظام الاجتماعى غير العادل فالغرباء قاوموا الحياة ومغرياتها بطريقة إيجابية سلبية ، فقهروا السلطتين معاً، سلطة الحكام ومعهم الناس أو الحشد وسلطة النفس بترويضها على الطاعات والمجاهدات واعتزالهم عن الناس حيث تختلط المعايير وتتبلبل الأفكار ويحيا الناس على السطح ساقطين فى الوجود – فى – العالم فَيَحِلٌ النظام الروحى الداخلى الذى يشيع فى النفس الشعور بالأمن والأمان محل النظام السياسى اللاجتماعى الخارجى الذى كثيراً ما ادخل الرعب والخوف فى القلوب بتفشى فتن الشبهات والشهوات معاً. ومن هنا كانت أهمية دراسة موضوع الاغتراب لأنه يعالج إشكالية حقيقية فى حياة الإنسان المعاصر فى اغترابه عن كل صور التموضع وشعوره الوجودى الطاغى بأنه لا ينتمى إلى حضارة ومجتمعات تفقد الإنسان ذاته وحريته فكما عانى منها الإنسان فى العصور الإسلامية المختلفة فإن الإنسان الغربى فى العصر الحديث لايزال يعانى منها كما لا يزال الإنسان المسلم والعربى يشعران بطغيان الاغتراب فى عالم يجهض حريته ويدمر إمكانات ذاته. |