الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص إن دراسة ”الفارابى” و ”ابن باجه” لموضوع المعرفة وتناولهما لهذه المشكلة قد خضعت لنوعين من المؤثرات : أحدهما المؤثرات الخارجة عن ذات كل منهما, وتتمثل فى مؤثرات عربية إسلامية وأخرى أجنبية, وأما النوع الثانى فيتمثل فى مؤثرات ذاتية لكل منهما تتمثل فى مغاليات ومعطيات الفكر الخاص بكل منهما وما أوتى من قدرات عقلية ونفسية ولم تقف عند حد استيعاب ماهو خارجى والتأثر به بل تجاوزته إلى حيث إضافة أفكار وآراء جديدة تكشف عن درجة من الإبتكار والتميز بحيث لا يمكن اعتبار أحد منهما مجرد ناقل أو مقلد. ومن أهم المؤثرات التى أثرت فى ”الفارابى” و ”ابن باجه” تأثير الفكر اليونانى, والتيارات الوافدة على الطبيعة الإسلامية من الخارج, وأننا نلاحظ من خلال مؤلفات ”الفارابى” ”كآراء أهل - المدينة الفاضلة”, و ”فصوص الحكم” وغيرها من المؤلفات نجده يذكر مؤلفات ”أفلاطون” ”كالجمهورية”, و ”المأدبة” وكذلك نجده يذكر مؤلفات ”أرسطو” وخصوصاً كتاب النفس”, و ”الأخلاق”. كما أننا نلاحظ الأثر السكندرى الأفروديسى”. فهو يذكر مقالة العقل, ومقالة النفس للاسكندر وتساعيات أفلوطين. وهذا ما فعله ”ابن باجه” أيضاً, فنجد مؤلفاته ”كتدبير المتوحد” ووسائل ”الإتصال” لاتخلو من المؤلفات اليونانية ”كجمهورية” أفلاطون, وكتاب ”النفس” لأرسطو - طاليس وغيرها. على أنه ينبغى أن نشير إلى أن هذا التأثير الخارجى لم يمح شخصية أى منهما البحثية وأفكارهم الخاصة, بل كانت لكل منهما آراء ذات تأثير بالغ على من جاء بعدهم سواء تأثير ”الفارابى” على ”ابن سينا”, وخصوصاً نظرية ”الصدور”, كتأثير ”ابن باجه” على ”ابن طفيل” وخصوصاً فى حديثه عن الانسان المتوحد الذى يعيش وفقاً لعقله وتنمية قدراته البحثية, والدرس والتفكير النظرى الخالص. كما نود أن نشير إلى أن هذا التأثير الأجنبى الخارجى لم يزعزع النزعة الدينية لديهم, حيث أن أفكارهما وآرائهما كانت على وفاق تام مع ما تقضيه العقيدة الإسلامية, ووفقاً لما ينص عليه الكتاب المنزل والسنة النبوية الشريفة. فما يتوافق مع الشرع تم قبوله وماتعارض معه تم إلغاؤه واستبعاده والوقوف موقف المعارضة العقلية منه. |