الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تمثلت سياسة الملك عبد العزيز في توطين البدو في نقل أساليب التقدم والحضارة إلى البادية وليس تفريغ البادية من سكانها حيث أدرك ان مستقبل بلاده وتطويرها متعلق بولاء البدو المتغير ومن هنا فكر في إنشاء الهجر ليسقروا فيها بدلا من التنقل والترحال والاعتماد على حرفة الرعي وجعلهم يعتمدون على الزراعة وقد عمل توطين البدو على إنقاذهم من الغزو والسلب وقطع الطريق على العمل على تعمير الأراضي وزراعتها فإشتغال البدو بالزراعة كان من الأهداف الاقتصادية لمشروع توطين البدو ولذلك استفاد الملك عبد العزيز من الطاقة البشرية والموارد الزراعية ببلاده لإحداث تنمية اجتماعية اقتصادية وتعتبر الهجر أقوى وسيلة للقضاء على النزعة القبلية فقد حطمت الإطار التقليدي للقبيلة وأصبح الولاء للدولة بدلاً من القبيلة وأساس المواطنة الدرجة الأولى . والملاحظ ان السياسة والدين وجهان لعملة واحدة لدى الملك عبد العزيز ولا ينفصلان أبدا ، فأى أهداف سياسية أو اقتصادية لابد أن يربطها الدين ويعتبر مشروع توطين البدو مشروعاً حضارياً حيث أظهر بعد نظره السياسي لأنه أدرك ان أفضل مدخل لهؤلاء البدو لإحداث أي تغيير في حياتهم لابد أن يتم على أساس ديني ولذلك أرجع الهجرة إلى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتأثر البدو بالنزعة الدينية أكثر من تأثرهم بالنزعة القبلية . وتعد الهجر نظام محلي ناجح فمنذ أنشائها ارتبطت بالنواحي الدينية إلى جانب انتشار الأمن فقد كان من وظائف الهجر ممارسة أصول العقيدة الإسلامية على أيدي المطوعين والعلماء ثم تطورت إلى نظام مدن صغيرة استقر أهلها استقراراً كاملاً . والملاحظ أن توطين البدو في بدايته كان توطين موجه غرضه تشجيع البدو بوسائل وخطط مرسومة مقدماً على الاستقرار في الأرض وذلك بممارسة حرفة الزراعة التى تبث فيهم الحماس إلى تغير وسيلة الحياة التى يعتمدون عليها وهي الرعي . شكلت الهجر وحدة إدارية واقتصادية قائمة بذاتها غير أن البدو الذين استقروا فيها أطلق عليهم ”الإخوان” الذين أخذوا يتعصبون بالعصابة البيضاء حتى يتميزوا عن بقية الأهالي وكان تكوين جيش من الإخوان من الأهداف العسكرية لمشروع التوطين ، فهم أعانوا الملك في بداية حروبه ثم أصبحوا عبئاً عليه بعد ذلك ، حيث قادهم التطرف الديني إلى قيامهم بثورة على عبد العزيز عقب الإنتهاء من ضم الحجاز وقاد تلك الثورة فيصل الدويش ، وحاول إمتصاص غضبهم عن طريق رجال الدين والحلول السلمية لكن ذلك لم يجدي معهم وعندما أدرك أن ثورتهم توشك أن تعصف ببلاده قام بالقضاء على المتمردين . كذلك أدرك الملك عبد العزيز أن التعليم هو السبيل إلى إصلاح نفوس البدو ، فقام بتزويد كل هجرة بمعلم من العلماء لتبصيرهم باحكام الشريعة ، كما عمل على تطوير التعليم وإنشاء المدارس والبعثات ، ولم يقتصر اهتمامه على النواحي الاقتصادية والتعليمية فقط ، بل امتد إلى النواحي الصحية لتحقيق الأهداف المنشودة من مشروع توطين البدو ، كالعناية بالصحة العامة ، وهكذا شملت إصلاحات الملك عبد العزيز جميع نواحي الحياة . |